وما دامت لايشق عليها شئ فلابد ان يكون لديها ايجاد الحشر الاعظم كسهولة ايجاد الربيع، وايجاد الربيع كبساطة ايجاد شجرة واحدة، وايجاد الشجرة كيسر ايجاد زهرة واحدة، وانها تقوم بالايجاد بهذه السهولة واليسر كما تقوم بها في أدق ما تكون الصنعة والاتقان. فنرى انها تخلق الزهرة باتقان الشجرة وبأهميتها وقيمتها، وتخلق الشجرة باعجاز صنع الربيع الهائل، وتخلق الربيع بشمولية الحشر وجامعيته واعجازه، هكذا تخلق، وهكذا نشاهد خلقها امام اعيننا.
وقد اثبتت (رسائل النور) ببراهين كثيرة قاطعة قوية أنه إن لم يُسند الخلق الى الوحدة والوحدانية يصبح خلق زهرة واحدة صعباً كصعوبة خلق شجرة بل اصعب، ويصبح خلق الشجرة أعقد من خلق الربيع. وفوق ذلك سيسقط جميعها من حيث القيمة والاتقان في الصنعة، فالكائن الذي يُخلق في دقيقة واحدة سيُصنع في سنة، بل يستحيل صنعه بالمرة. فبناءً على هذا السر:
فان جميع الاثمار والازهار والاشجار والاحياء الدقيقة المرتبطة بها، تخرج الى الوجود في غاية الوفرة والكثرة مع أنها في منتهى الجودة والنفاسة، وتظهر في منتهى السرعة واليسر مع انها في غاية الاتقان والصنعة، فتخرج الى الوجود بانتظام، مؤدية وظائفها وتسبيحاتها، وموكلة بذورها بديلة عنها، ماضية هي في سبيلها.
السر الثاني: كما ان شمساً واحدة تشع ضياءً الى مرآة واحدة، بتجلٍ من القدرة الذاتية واستناداً الى سر النورانية والشفافية والطاعة، فانها تنعكس بسهولة بالصورة نفسها - ذات الضياء والحرارة - بالفعالية الواسعة لقدرتها غير المحددة بأمر إلهى، الى مالا يحد من المرايا والمواد اللماعة والقطرات.
واذا نُطقت بكلمة واحدة، فإن هذه الكلمة تدخل بسهولة تامة الى اذن شخص - استناداً الى السعة المطلقة للخلاقية - وتدخل اذهان ملايين الاشخاص وآذانهم ببساطة ويسر بالامر الرباني، فأمامها