الاخرى الى قعر الوادي.
فكما أن الامر هكذا، كذلك الامر في القدرة الربانية حيث أنها مطلقة غير متناهية، وهي نورانية، وهي ذاتية وهي سرمدية، وتوجد معها الحكمة المطلقة والعدالة التامة اللتان هما منشأ جميع الانتظام والانظمة والموازنة ومنبعها ومدارها ومصدرها، فالجزئي والكلي والكبير والصغير من اي شئ كان ومن كل شئ مسخر لحكم تلك القدرة ومنقاد لتصرفها.. لذا فان تلك القدرة تسيِّر النجوم والسيارات بسهولة ادارة الذرات وتحريكها؛ وذلك بسر نظام الحكمة. وكما أنها تحيي الذبابة في الربيع بسهولة، تسوق جميع طوائف الحشرات والنباتات والحيوانات الى ميدان الحياة وتحييها بالسهولة نفسها وبالامر نفسه، وبالحكمة المتضمنة فيها وبسر الميزان. وكما انها تنبت شجرة في الربيع بسرعة فائقة فتنفخ الحياة في جذورها وجذوعها التي هي كالعظام، فهي تحيي بتلك القدرة المطلقة الحكيمة العادلة وبالامر نفسه هذه الارض الهائلة التي هي كجنازة ضخمة، مثلما أحيت تلك الشجرة في الربيع ببساطة، موجدةً مئات الآلاف من انواع الامثلة والنماذج الدّالة على الحشر والنشور.وكما انه سبحانه يحيي الارض بأمر تكويني فانه بمضمون الايات الجليلة الآتية:
﴿إن كانت اِلاّ صيحةً واحدةً فاذا هم جميعٌ لدينا مُحضرون﴾(يس: 53).
﴿وما أمرُ الساعةِ إلاّ كلمح البصر او هوَ أقرب﴾(النحل: 77).
﴿ما خلقكم ولا بعثُكم إلاّ كنفسٍ واحدة﴾(لقمان: 28).
يأتي بجميع الانس والجن وما هو حيواني وروحاني وملائكي، يأتي بهم جميعاً بالامر نفسه بالسهولة نفسها الى ميدان الحشر الاكبر وامام الميزان الاعظم، فلا يمنع فعل فعلاً قط. هذا وقد أُجلت كتابة بقية الاسرار من السر الثالث الى الثالث عشر خلاف رغبتى الى وقت آخر بمشيئة الله.