او كالنقط المحلوبة المعصّرة. فلابدّ ان يكون المحيط والكليات في قبضة خالق المحاط والجزئيات ليدرج مثالَها فيها بموازين علمه او يعصّرها منها بدساتير حكمته..
وبسر كما ان قرآن العزّة المكتوب على الذرة المسماة بالجوهر الفرد بذرات الاثير ليس باقل جزالة وخارقية صنعةٍ من قرآن العظمة المكتوب على صحيفة السماء بمداد النجوم والشموس، كذلك ان ورد الزهرة ليست بأقل جزالة وصنعة من درّي نجم الزُهرة ولا النملة من الفيلة ولا المكروب من الكركدن ولا النحلة من النخلة بالنسبة الى قدرة خالق الكائنات.فكما ان غاية كمال السرعة والسهولة في ايجاد الاشياء اوقعت اهل الضلالة في التباس التشكيل بالتشكل المستلزم لمحالات غير محدودة تمجّها الاوهام. كذلك اثبتت لاهل الهداية تساوي النجوم مع الذرات بالنسبة الى قدرة خالق الكائنات.جلّ جلاله لا إله إلاّ هو الله اكبر].
قبل الشروع ببيان فحوى مختصر لهذه الفقرة العربية العظيمة التي تخص (القدرة الالهية) والذي هو من قبيل ترجمتها ومضمونها، نبين حقيقة اُخطرت الى القلب وهي:
ان وجود القدرة الالهية اكثر قطعية من وجود الكون، بل ان جميع المخلوقات وكل مخلوق بالذات، كلمات مجسمة لتلك القدرة، تبينها وتظهرها بعين اليقين وهي شهادات بعددها على موصوفها القدير المطلق. فلاداعي اذن الى اثبات تلك القدرة بالحجج والبراهين بل يلزم اثبات حقيقة جليلة تخص القدرة والتي هي اساس مهم في الايمان والحجر الاساس الرصين للحشر والنشور والمدار اللازم لمسائل ايمانية كثيرة وحقائق قرآنية جليلة والدعوى التي تعلنها الآية الكريمة ﴿ما خلقكم ولابعثكم الاّ كنفس واحدة﴾ (لقمان:28) والتي اعيت العقول دونها وظلت في حيرة وعجز، بل ضل قسم منها..
فذلك الاساس وذلك الحجر الزاوية وذلك المدار وتلك الدعوى وتلك الحقيقة هي معنى الآية الكريمة المذكورة.