عما يلزمه من وظائف تجاه شؤون روحه وامور دينه، بل حتى تجاه شوونه الشخصية بالذات ولوازم بيته وقريته، ومن ثم جعله بهذا التلهف والفضول سائب الروح، ثرثار العقل، فاقداً لأذواق القلب نحو الحقائق الايمانية والاسلامية، خائر الشوق اليها.. وكذا اثارتهم بتلك الاهتمامات التافهة التي تقتل قلوبهم معنىً -بما يشبه تهيئة الجو الملائم للالحاد- ودفعهم الى استماع الراديو في شؤون سياسية لا تعنيهم في شئ... أقول: ان كل ذلك لضرر بالغ للحياة الاجتماعية الاسلامية بحيث ان الانسان كلما فكر بنتائجها الوخيمة المترتبة عليها يقشعر من هولها جلده، ويقف شعره!
نعم، ان كل انسان له علاقه بوطنه وقومه وحكومته، ولكن من الخطأ الجسيم جعل منافع الامة ومصلحة الوطن والحكومة تابعة لسياسة مؤقتة لبعض الاشخاص انجرافاً لتيارات موقتة، بل تصوّرها نفسها.. فضلاً عن ان حصة كل شخص من تلك الروح الوطنية والقومية وما تترتب عليها من وظائف ان كانت واحدة فان حصته تجاه وظائف قلبه ومهمات روحه وواجباته الشخصية والبيتية والدينية وغيرها عشرون بل مائة حصة. لذا فان تضحية هذه العلاقات الجادة والضرورية جداً لاجل تلك الحصة الواحدة من التيارات السياسية غير الضرورية مما لا يعنيه شيئاً... اقول: ان لم يكن هذا جنوناً فما هو اذن؟
ان هذا هو جواب استاذنا الذى ألقاه علينا بسرعة، ونحن بدورنا كتبناه باستعجال. فنرجو غض النظر عن التقصير.
نعم، ونحن بدورنا نصدّق ما يقوله الاستاذ، لأننا قد شاهدنا ما يقوله في انفسنا وفي اصدقائنا فعلاً. حتى ترك بعضهم صلاة الجماعة -وربما الصلاة نفسها- لأجل الاستماع الى الراديو الذى يذيع الاخبار في اثناء وقت الصلاة بذاته. حتى انه باهتمامه الشديد وفضوله البالغ لمتابعة اخبار الحرب -التي هي صفعة قوية متلاحقة على المدنية الحاضرة ولسفاهتها وضلالها ولأهانتها الاسلام- وتلهّفه للشؤون السياسية الدائرة في اوساطها الواسعة تلهفاً شديداً