حيث انها دفع للمفاسد وترك للكبائر، اذ ان درء المفاسد أولى من جلب المنافع قاعدة مطردة في كل وقت.
وحيث ان التيارات المدمرة اخذت تتفاقم في هذا الوقت، فقد اصبحت التقوى اعظم اساس واكبر سد لصد هذا الدمار الرهيب. فالذي يؤدي الفرائض ولا يرتكب الكبائر، ينجو باذن الله، اذ التوفيق الى عمل خالص مع هذه الكبائر المحيطة امر نادر جداً.
ان عملاً صالحاً ولو كان قليلاً يغدو في حكم الكثير ضمن هذه الشرائط الثقيلة والظروف العصيبة.
ثم ان هناك نوعاً من عمل صالح ضمن التقوى نفسها، لان ترك الحرام واجب والقيام بالواجب ثوابه اكثر من كثير من السنن والنوافل.
ففي مثل هذه الأزمان التي تهاجم الذنوب والسيئات من كل جانب يكون اجتنابُ أثمٍ واحد مع عمل قليل، بمثابة ترك لمئات من الآثام - التي تترتب على ذلك الإثم - وقيام بمئات من الواجبات.
هذه النقطة جديرة بالاهتمام، ولا تحصل الا بالنية الخالصة وبالتقوى وقصد الفرار من الآثام والذنوب، ويغنم المرء بها ثواب اعمال صالحة نشأت من عبادة لم يصرف فيها جهداً.
ان اهم وظيفة تقع على عاتق طلاب النور خدام القرآن الكريم، في هذا الوقت هي:
اتخاذ التقوى أساساً في الاعمال كلها، ثم التحرك وفقها امام تيار الدمار الرهيب المهاجم والآثام المحيطة بهم، اذ يواجه الانسان ضمن انماط الحياة الاجتماعية الحاضرة مئات من الخطايا في كل دقيقة، فالتقوى هي التي تجعل - دون ريب - الانسان كأنه يقوم بمئات من الاعمال الصالحة، وذلك باجتنابه تلك المحرمات.
من المعلوم ان عشرين شخصاً في عشرين يوماً لا يستطيعون بناء عمارة واحدة في حين يستطيع ان يهدمها شخص واحد في يوم واحد.