اشارات الاعجاز | سورة الفاتحة (الآية | 23
(22-41)

سعيد النورسي


بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيْم
﴿اَلرَّحْمنُ  عَلَّمَ اَلْقُرْآنَ  خَلَقَ الاِنْسَانَ  عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾
فنحمده مصلين على نبيه محمد الذي ارسله رحمة للعالمين وجعل معجزته الكبرى الجامعة برموزها واشاراتها لحقائق الكائنات باقية على مر الدهور الى يوم الدين وعلى آله عامة واصحابه كافة.
أما بعد؛ فاعلم!
اولاً: ان مقصدنا من هذه الاشارات تفسير جملة من رموز نظْمِ القرآن؛ لأن الاعجاز يتجلى من نظمه. وما الاعجاز الزاهر الاّ نقشُ النظم.
وثانياً: ان المقاصد الاساسية من القرآن وعناصره الاصلية اربعة: التوحيد والنبوة والحشر والعدالة؛ لانه:
لما كان بنو آدم كركبٍ وقافلةٍ متسلسلةٍ راحلةٍ من أودية الماضي وبلاده، سافرةٍ في صحراء الوجود والحياة، ذاهبةٍ الى شواهق الاستقبال، متوجهةٍ الى جنّاته، فتهتز بهم المناسبات وتتوجه اليهم الكائنات. كأنه اَرسلَتْ حكومةُ الخِلقة فَنَّ الحكمةِ مستنطقا وسائلاً منهم بـ(يا بني آدم! مِن أين؟ الى أين؟ ماتصنعون؟ مَنْ سلطانكم؟ مَنْ خطيبكم؟)
فبينما المحاورة، اذ قام من بين بني آدم –كأمثاله الأماثل من الرسل اولي العزائم – سيّدُ نوعِ البشر محمّد الهاشميy وقال بلسان القرآن:

لايوجد صوت