اشارات الاعجاز | سورة الفاتحة (الآية | 26
(22-41)

اصلان تسلسل منهما - بتجليهما في كل عالم - فروعٌ: كالامر والنهي، والثواب والعذاب، والترغيب والترهيب، والتسبيح والتحميد، والخوف والرجاء الى آخره. .
وايضا كما ان لفظ الجلال اشارة الى الصفات العينية والتنزيهية؛ كذلك (الرحيم) ايماء الى الصفات الغيرية الفعلية؛ و(الرحمن) رمز الى الصفات السبع التي هي لا عينٌ ولاغيرٌ؛ اذ (الرحمن) بمعنى الرزاق، وهو عبارة عن اعطاء البقاء . والبقاءُ تكررُ الوجود. والوجود يستلزم صفة مُمَيِّزة وصفة مُخَصِّصَة وصفة مُؤَثِّرَة، وهي العلم والارادة والقدرة. والبقاء الذي هو ثمرة اعطاء الرزق يقتضي عُرفاً ثبوت البصر والسمع والكلام؛ اذ لابد للرزاق من البصر ليرى حاجة المرزوق إن لم يَطلب، ومن السمع ليستمع كلامه إن طلب، ومن الكلام ليتكلم مع الواسطة إن كانت . وهذه الست تستلزم السابعة التي هي الحياة.
 ان قلت: تذييل (الرحمن) الدال على النِعَمِ العظيمة بـ(الرحيم) الدال على النعم الدقيقة يكون صنعة التدلّي. والبلاغة في صنعة الترقِّي من الادنى الى الاعلى؟
قلت: تذييلٌ للتتميم كالاهداب للعين واللجام للفرس.. وايضا لما توقفت العظيمةُ على الدقيقة، كانت الدقيقة ارقى كالمفتاح للقفل واللسان للروح.. وايضا لما كان هذا المقام مقام التنبيه على مواقع النِعَمِ كان الأخفى أجدر بالتنبيه، فيكون صنعةُ التدلِّي في مقام الامتنانِ والتعدادِ صنعةَ الترقِّي في مقام التنبيه.
 ان قلت: (الرحمن) و(الرحيم) كامثالهما بمبادئها محالٌ في حقه تعالى كرقَّةِ القلب. وان اُريد منها النهايات(1) فما حكمة المجاز؟
قلت: هي حكمة المتشابهات(2)؛ وهي التنزلات الالهية الى عقول

---------------

(1) اى: إن قصد الإنعام الذي هو نتيجة ولازم لمعنى حقيقتهما (ت:16)
(2) التى محال استعمال معناها الحقيقي بحقه تعالى، كاليد (ت:16)

لايوجد صوت