وفي ﴿اليك﴾ بدل (عليك) رمز الى ان الرسالة وظيفة كُلِّف بها النبي عليه السلام وتحمَّلها بجزئه الاختياري.. وإيماء الى علّوه بخدمة جبرائيل بالتقديم اليه؛ اذ في (على) شمّ اضطرار وعلوّ واسطة النزول.. وفي خطاب (اليك) بدل (الى نحو محمد) تلويح الى ان محمداً عليه السلام ماهو إلاّ مخاطب والكلام كلام الله.. وايضا معنى الخطاب تأكيد وتصوير لمعنى النزول الذي هو الوحي الذي هو القرآن الذي هو خطاب الله معه الذي هو الخاصة النافذة في الكل. فكشف هذا الجزء الحجاب عن حصته من تلك الخاصة. فظهر ان هذا الكلام بالنظر الى اشتماله على هذه اللطائف المذكورة في نهاية الايجاز.
﴿وما اُنزل من قبْلِك﴾
اعلم! ان امثال هذه التوصيفات تتضمن تشويقاً، يتضمن أحكاما انشائية. كآمنوا كذا وكذا ولا تفرقوا.
ثم ان في هذا النظم والربط اربع لطائف:
إحداها:
عطف المدلول على الدليل. اي: (ياأيها الناس اذا آمنتم بالقرآن فآمنوا بالكتب السابقة ايضا، اذ القرآن مصدِّق لها وشاهد عليها) بدليل ﴿مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾(سورة البقرة:97).
والثانية:
عطف الدليل على المدلول، أي: (ياأهل الكتاب اذا آمنتم بالانبياء السابقين والكتب السالفة لزم عليكم ان تؤمنوا بالقرآن وبمحمد عليه السلام، لانهم قد بشّروا به، ولأن مدار صدقهم، ونزولها ومناط نبوتهم يوجد بحقيقته وبروحه في القرآن بوجه اكمل وفي محمد عليه السلام بالوجه الأظهر. فيكون القرآن كلام الله بالقياس الاَوْلَوِي، ومحمَّد عليه الصلاة والسلام رسوله بالطريق الأولى).