اشارات الاعجاز | وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ اِلَيْكَ وَ | 66
(62-75)

المناسبات المنعكسة من المقاصد الخمسة المندمجة في مسألة النبوة المسوقة لها هذه الآية.
اما المقاصد المندمجة فهي: ان محمداً عليه السلام نبي، وانه اكمل الانبياء، وانه خاتم الانبياء، وانه مرسل لكافة الاقوام، وان شريعته ناسخة لجميع الشرائع، وجامعة لمحاسنها.
اما وجه انعكاس المقصد الاول في تلك الكلمة، فهو:
ان (من قبلك) انما يقال اذا اتحد المسلك وكان الطريق واحداً. فكأن هذه الكلمة تترشح: بأن الحجج على نبوة مَن قبله وصدق كتبهم، حجةٌ بمجموعها بتنقيح المناط(1) وتحقيق المناط بالقياس الأولى على نبوة محمد عليه السلام ونزول كتابه. فكأن جميع معجزاتهم معجزة فذة على صدق محمد عليه السلام.
واما وجه انعكاس المقصد الثاني، وهو الاكملية فيها، فهو:
ان (من قبلك) بناء على ملاحظة عادة (ان السلطان يخرج في اخريات الناس).. وعلى قاعدة التكمل في نوع البشر المقتضية لاكملية المربي الثاني عن المربي الاول.. وعلى اغلبية مهارة وزيادة الخلف على السلف، تلوح بان محمداً عليه السلام سلطان الانبياء، اكمل من كلهم. كما ان القرآن أجمع وأجمل(1) من كتبهم.
واما وجه تشربها من المقصد الثالث وهو الخاتمية فهو:
ان (من قبلك) بسر قاعدة (ان الواحد اذا تكثَّر تسلْسَلَ لايسكن، وان الكثير اذا اتحدّ استقرّ لاينقطع) وباشمام المفهوم المخالف تلمح بانه عليه السلام خاتم الانبياء.
واما وجه انصباغها من المقصد الرابع وهو عموم الدعوة فهو:
ان (من قبلك) المفيدة (انك خَلَفُهم وكلٌ منهم سلفك) بسر قاعدة (ان الخلف يأخذ تمام وظيفة السلف ويقوم مقامه) تشير بأنه اذا كان كل منهم

-------------------

(1) اصطلاح اصولى في مباحث العلة: فتنقيح المناط: تهذيب العلة مما علق بها من الاوصاف التى لا مدخل لها في العلية. اما تحقيق المناط: فهو الاجتهاد في تحقيق العلة الثابتة بالنص او بالاجماع او بأي مسلك آخر، في واقعة غير التى ورد فيها النص.
(1) واشمل (ش).

لايوجد صوت