اشارات الاعجاز | وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ اِلَيْكَ وَ | 68
(62-75)

عشرة براهين عليها، ذكرناها في كتاب آخر(2) فناسب تلخيصها هنا. وهي:
ان الحشر حق؛ لان في الكائنات نظاماً اكمل قصدياً.. وان في الخلقة حكمة تامة.. وان لا عبثية في العالم.. وان لا اسراف في الفطرة.. والمزكي لهؤلاء الشواهد الاستقراء التام بجميع الفنون التي كل منها شاهدُ صدق على نظام نوع موضوعه.. وايضا ان في كثير من الانواع مثل اليوم والسنة وغيرهما قيامة مكررة نوعية.. وايضا جوهر استعداد البشر يرمز الى الحشر.. وايضا عدم تناهي آمال البشر وميوله يشير اليه.. وايضا رحمة الصانع الحكيم تلوح به.. وايضا لسان الرسول الصادق عليه السلام يصرّح به.. وأيضا بيان القرآن المعجز في أمثال ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ اَطْوَاراً﴾( سورة نوح: 14) ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ﴾( سورة فصلت: 46) يشهد له. تلك عشرة كاملة، مفاتيح للسعادة الابدية وأبواب لتلك الجنة.
 اما بيان البرهان الاول: فهو انه لو لم تنجر الكائنات الى السعادة الابدية لصار ذلك النظام الذي اتقن فيه صانعُه اتقاناً حَيَّرَ فيه العقول صورةً ضعيفة خادعة، وجميع المعنويات والروابط والنسب في النظام هباء منثوراً. فليس نظام ذلك النظام الاّ اتصاله بالسعادة، اي ان النكت والمعنويات في ذلك النظام انما تتسنبل في عالم الآخرة. والاّ لانطفأ جميع المعنويات، وتقطّع مجموع الروابط، وتمزّق كل النسب، ويتفتت هذا النظام؛ مع ان القوة المندمجة في النظام تنادي باعلى صوتها: ان ليس من شأنها الانقضاض والانحلال.
 وأما البرهان الثاني: فهو ان تمثال العناية الازلية الذي هو الحكمة التامة، التي هي رعاية المصالح والحِكَم في كل نوع، بل في كل جزئي - بشهادة كل الفنون - يبشر بقدوم السعادة الابدية. والاّ لَزِم

---------------

(2) هذه البراهين مذكورة في رسالة (لاسيمات) من المثنوى العربى النورى ومفصلة في الكلمة التاسعة والعشرين وموضحة بنور تجليات الاسماء الحسنى في الكلمة العاشرة (الحشر).

لايوجد صوت