اشارات الاعجاز | اِنًّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَاَنْ | 83
(81-88)

وابي لهب وأُمية بن خلف وقد ماتوا على الكفر. فعلى هذا في الآية إخبار عن الغيب. وامثال هذا لمعاتٌ يتولد منها نوعٌ من الاعجاز من الانواع الاربعة للاعجاز المعنوي.
واما لفظ ﴿كفروا﴾ فاعلم! ان الكفر ظلمة تحصل من انكار شئ مما عُلِمَ ضرورةً مجئ الرسول عليه السلام به.
 ان قلت: ان القرآن من الضروريات وقد اُختلف في معانيه؟
قيل لك: ان في كل كلام من القرآن ثلاث قضايا:
احداها: (هذا كلام الله).
والثانية: (معناه المراد حق)؛ وانكار كلٍّ من هاتين كفر.
والثالثة: (معناه المراد هذا)؛ فان كان مُحْكَماً أو مفسراً فالايمان به واجب بعد الاطلاع، والانكار كفر. وان كان ظاهراً، او نصاً يحتمل معنى آخر، فالانكار بناء على التأويل - دون التشهّي - ليس بكفر(1). ومثل الآية الحديث المتواتر؛ الا ان في انكار القضية الاولى من الحديث تأملا.(2)
 ان قلت: الكفر جهل وفي التنزيل ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ اَبْنَاءهُمْ﴾(سورة البقرة:146) فما التوفيق؟
قيل لك: ان الكفر قسمان:
جهليّ ينكِر لأنه لا يعلم. والثاني جحودي تمردي يعرف لكن لايقبل، يتيقّن لكن لايعتقد، يصدِّق لكن لايـذعن وجدانُه. فتأمل!..
 ان قلت: هل في قلب الشيطان معرفة؟
قيل لك: لا، اذ بحكم صنعته الفطرية يشتغل قلبُه دائما بالاضلال ويتصور عقلُه دائماً الكفر للتلقين فلا ينقطع هذا الشغل، ولا يزول ذلك التصور عن عقله حتى تتمكن فيه المعرفة.

---------------

(1) واختلاف المفسرين ليس الاّ في هذا القسم (ت:73)
(2) اى ثبوت صحته وتواتره (ت:73)

لايوجد صوت