اشارات الاعجاز | يَا اَيُّهَا النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خ | 172
(170-191)

الطبقات. وما هي الا بالعبادة التي هي امتثال الأوامر واجتناب النواهي.
ومنها: ان بامتثال الأوامر واجتناب النواهي يحصل للانسان نسبٌ كثيرة الى مراتب عديدة في الهيئة الاجتماعية، فيصير الشخص كنوعٍ؛ اذ كثير من الأوامر لاسيما التي لها تماس بالشعائر والمصالح العمومية كالخيط الذي نيط به حيثيات ونظُم فيه حقوق، لولاه لتمزقت وتطايرت.
ومنها: ان الانسان المسلم له مناسبات ثابتة وارتباط قوي مع كل المسلمين. وهما سببان لاخوة راسخة ومحبة حقيقية بسبب العقائد الايمانية والملكات الاسلامية. أما سبب ظهور تلك العقائد وتأثيرها وصيرورتها مَلَكة راسخة فانما هي العبادة.
وأما جهة الكمال النفسيّ فاعلم!
ان الانسان مع صغر جرمه وضعفه وعجزه وكونه حيواناً من الحيوانات ينطوي على روح غال ويحتوي على استعداد كامل، ويتبطن ميولا لاحصر لها ويشتمل على آمال لا نهاية لها، ويحوز افكاراً غير محصورة ويتضمن قوى غير محدودة مع ان فطرته عجيبة كأنه فهرستة للأنواع والعوالم. فالعبادة هي السبب لانبساط روحه وجلاء قيمته.. وأيضاً هي العلة لانكشاف استعداده ونموّه ليناسب السعادة الأبدية.. وكذا هي الذريعة لتهذيب ميوله ونزاهتها.. وهي الوسيلة لتحقيق آماله وجعلها مثمرة ريانة.. وكذلك هي الواسطة لتنظيم أفكاره وربطها.. وأيضاً هي السبب لتحديد قواه وإلجامها.. وأيضا هي الصَيْقل لرَيْن الطبيعة على أعضائه المادية والمعنوية التي كل منها كأنه منفذ الى عالم مخصوص ونوع اذا شف.. وأيضا هي الموصل للبشر الى شرفه اللائق وكماله المقدر، اذا كانت بالوجدان والعقل والقلب والقالب.. وكذلك هي النسبة اللطيفة العالية، والمناسبة الشريفة الغالية بين العبد والمعبود. وتلك النسبة هي نهاية مراتب كمال البشر.

لايوجد صوت