اشارات الاعجاز | يَا اَيُّهَا النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خ | 186
(170-191)

المذكورة - الى مراتب التقوى وهي: التقوى عن الشرك. ثم التقوى عن الكبائر. ثم التقوى بحفظ القلب عما سواه تعالى.. وكذا التقوى بالتجنب عن العقاب.. وايضاً التقوى بالتحرز عن الغضب.. وكذا رمز الى ان العبادة بالاخلاص تكون عبادة.. وايضاً ايماء الى ان العبادة مقصودة بالذات لا وسيلة محضة.. وكذلك رمز الى ان العبادة لابد ان لاتكون لأجل الثواب والعقاب.
اما هيئات آية ﴿الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء﴾ فاعلم! انها اشارة الى التهييج على العبادة ببيان عظمة قدرة الصانع، والى التشويق عليها بالامتنان. كأنه يقول: ايها الانسان! ان الذي سخر لك الارض والسماء يستحق ان تعبده.. وكذا ايماء الى فضيلة البشر وعلوّ قيمته ومكرميته عند الله، كأنه يقول: ان الذي اكرمكم بأن هيّأ الاجرام العلوية والسفلية بعظمتها لاستفادتكم، لابد أن تظهروا لياقتكم للكرامة بعبادته.. وكذا تلميح الى رد التصادف والاتفاق وتأثير الطبيعة. أي ان كل ما ترون بصفاتها انما هي بجعلِ جاعل وقصدِ قاصد وتخصيصِ مخصِّص ونظمِ نظَّام جلّت حكمته.. وكذا تلويح الى رد مذهب اهل الطبيعة ومذهب الصابئين المولد لمذهب الوثنيين.. وايضاً تنبيه الى ان صفات الأجسام بإمكانها تدل على الصانع؛ اذ الاجسام متساوية ذراتُها في قابلية الأحوال والكيفيات العمومية فكل صفة ممكنة مترددة بين احتمالات كثيرة فكل جسم باعتبار كل صفة وكيفية يحتاج الى قصد وحكمة وتخصيصِ مخصِّص.
اما تقديم ﴿لكم﴾ فاشارة الى ان تفريش الارض لأجل الانسان، لا ان المفترش والمستفيد هو الانسان فقط، حتى يكون الزائد عبثاً، فتأمل!.
واما ﴿فراشا﴾ فاشارة الى نكتة البلاغة التي هي نقطة الغرابة وهي قيد (مع اقتضاء طبعها الانغماس في الماء).. وايماء الى ان التفريش بالجعل خلاف الطبيعة؛ اذ مقتضى طبيعة الكرة استيلاء الماء عليها واحاطته بها، فالصانع بحكمته ومرحمته اظهر قسما منها وفرشه ووضع عليه مائدة نِعَمه.. وكذا تنبيه - بقاعدة (اذا ثبت الشئ ثبت

لايوجد صوت