الموجودات، واعدّه بهذه الثلاث لتعلّم حقائق الأشياء بأنواعها، ثم علّمه الأسماء كلها.
(الواو) فيها اشارة الى الجمل المطوية تحت إيجازه كما مر. و﴿علم﴾ فيه اشارة الى تنويه العلم ورفعة درجته وانه هو المحور للخلافة.. وكذا رمز الى أن الأسماء توقيفية. ويؤيده وجود المناسبة المرجحة للوضع -في الأغلب- بين الأسماء والمسميات.. وكذا ايماء الى ان المعجزة فعل الله بلا واسطة خلافاً للفلاسفة الذين يقولون ان الخوارق أفعال للأرواح الخارقة. و﴿آدم﴾ أي الشخص الأرضي الذي أراد الله تعالى خلافته وسماه آدم فالتصريح بالعلم لتنويهه وتشهيره واحضاره بصورته.. و﴿الأسماء﴾ سمات الأشياء من الصفات والخواص والأسماء، أو اللغات التي اقتسمها بنو آدم. وفيه ايماء بدليل ﴿عرضهم﴾ الى ان الاسم عين المسمى(1) كما عليه أهل السنة و ﴿كلها﴾ تنصيص على منشأ التميز ومدار الاعجاز.. وجملة ﴿ثم عرضهم على الملئكة فقال انبؤني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين﴾ فـ﴿ثم﴾ اشارة بسر التراخي واقتضاء المقام الى (وقال هو أكرم منكم وأحق بالخلافة). واما ﴿عرضهم﴾ أي اظهر أنواع الأشياء مبسوطة للبيع لانظارهم كعرض المتاع على المشتري وعرض الصفوف على الأمير ففيه اشارة الى ان الموجودات مال للمُدْرِك يشتريها بالعلم، ويأخذها بالاسم، ويتملكها بتمثل الصورة. وأما (هم) الدال على الذكور العقلاء فسر ما فيه من التغليبين والمجاز ما يرمز اليه لفظ العرض(2). اذ يتخيل من ارساله صور طوائف الموجودات مارة صفاً صفاً على الأنظار - كونها قبائل من العقلاء يجيئون اليهم. واما ﴿على﴾ فايماء الى ان ما يعرض عليهم هي الصور المرتسمة في اللوح الأعلى.
--------------
(1) اى اذا اريد بالاسم ذات الشئ (ب).
(2) حيث هناك تغليب الذكور على الاناث، وتغليب العقلاء على غيرهم. اما المجاز فهو في رجوع (هم) الى انواع الجمادات (ت:243).