الذي تعاني فيه الكتب السماوية الاخرى في نسختها الحالية من الكثير من التغيير والتبديل. وهذا سبب آخر جعلني اؤمن بالاسلام)(2)
فاغليري (3)
-1-
(ان معجزة الاسلام العظمى هي القرآن الذي تنقل الينا الرواية الراسخة غير المنقطعة، من خلاله، انباء تتصف بيقين مطلق. انه كتاب لا سبيل الى محاكاته. ان كلاً من تعبيراته شامل جامع، ومع ذلك فهو ذو حجم مناسب، ليس بالطويل اكثر مما ينبغي، وليس بالقصير اكثر مما ينبغي. اما اسلوبه فاصيل فريد. وليس ثمة ايما نمط لهذا الاسلوب في الادب العربي تحدر الينا من العصور التي سبقته. والاثر الذي يحدثه في النفس البشرية انما يتم من غير ايما عون عرضى او اضافى من خلال سموه السليقيّ. ان آياته كلها على مستوى واحد من البلاغة، حتى عندما تعالج موضوعات لابدّ ان تؤثر في نفسها وجرسها كموضوع الوصايا والنواهي وما اليها. انه يكرر قصص الانبياء (عليهم السلام) واوصاف بدء العالم ونهايته، وصفات الله وتفسيرها، ولكن يكررها على نحو مثير الى درجة لا تضعف من اثرها. وهو ينتقل من موضوع الى موضوع من غير ان يفقد قوته. اننا نقع هنا على العمق والعذوبة معا - وهما صفتان لا تجتمعان عادة - حيث تجد كل صورة بلاغية تطبيقاً كاملاً فكيف يمكن ان يكون هذا الكتاب المعجز من عمل محمدy، وهو العربي الاميّ الذي لم ينظم طوال حياته غير بيتين او ثلاثة ابيات لا ينمّ اي منها عن ادنى موهبة
---------------------
(2) نفسه، ص 7/20.
(3) لورا فيشيا فاغليري L.Veccica Vaglier: باحثة إيطالية معاصرة انصرفت الى التاريخ الاسلامي قديماً وحديثاً، والى فقه العربية وادابها. من آثارها: (قواعد العربية) في جزئين (1937-1941)، و(الاسلام) (1946)، و(دفاع عن الاسلام)(1952)، والعديد من الدراسات في المجلات الاستشراقية المعروفة.