المسلمين وظل يبلغها الى جميع الاجيال منذ عهدئذ. فالقرآن سجل لتجربة حية مباشرة في ميدان الالوهية، تجربة ذات طرفين: واحد مطلق وآخر متصل بشؤون الحياة العامة، ودعوة للمخلوق كي ينظم حياته ليتمكن من الاخذ بنصيب في تلك التجربة. وحين يتبع المسلم اوامر القرآن ويسعى ليستكنه روح تعاليمه، لا بفكره فحسب بل بقلبه وروحه ايضاً، فانه يحاول ان يستملك شيئاً من الرؤى الحدسية ومن التجربة التي كانت للرسول الحبيب. ويعظم في عينيه مغزى كل آية فيه، لإيمانه بانه كلام الله. ولو لم يكن هذا الايمان شعبة من عقيدته لما تناقصت قيمته لديه من حيث هو منبع حي للالهام والاستبصار الديني)(1)
-3-
(مهما يكن امر استمداد الاسلام من الاديان التي سبقته فذلك لا يغير هذه الحقيقة ايضاً وهي: ان المواقف الدينية التي عبر عنها القرآن ونقلها الى الناس تشمل بناء دينياً جديداً متميزاً)(2)
-4-
(.. على الرغم مما قام به العلماء المتأخرون من تطوير لعلم كلام اسلامي منهجي، يبقى صحيحاً ما ذكرناه سابقاً وهو: ان جمهور الجماعة الاسلامية كان يتألف من شعوب احدثت لديها ممارسة حقائق الدين ممارسة حدسية اثراً اقوى واسرع من كل اثر خلفه اي قدر من الجدل العقلي او من حذاقته وبراعته)(3)
-5-
( إننا نخطئ خطأً فاحشاً إذا اقتصرنا على النظر الى هذه العقيدة نظرتنا لمذهب لاهوتي اتقن بشكل وراثى من جيل الى جيل منذ الف
-----------------
(1) نفسه، 254.
(2) نفسه، ص254 - 255.
(3) نفسه، ص255.