وثلاثمائة سنة. انها على العكس من ذلك يقين وايمان حي يتجدد ويتأكد باستمرار في قلوب المسلمين وارواحهم وافكارهم، ولدى العربي بشكل خاص، حين يدرس النصّ المقدس. لقد عارض المذهب السني المتمسك بشكل عام ترجمة القرآن الى اللغات الاسلامية الاخرى على الرغم من ان النص العربي يظهر في بعض الاحيان مقترنا بترجمة تركية او فارسية او اوردية وغيرها من اللغات. ان هذا الموقف يستند على محاكمة شرعية متماسكة تصوغ حججها الى حد ما بشكل عقلاني مستندة في ذلك على اعتبارات بعيدة عن هذا الشكل العقلاني. والواقع ان القرآن لا يمكن ترجمته بشكل اساسي كما هي الحال بالنسبة للشعر الرفيع، اذ ليس بالامكان التعبير عن مكنون القرآن باللغة العادية، ولا يمكن ان يعبر عن صوره وامثاله لان كل عطف او مجاز او براعة لغوية يجب ان تدرس طويلاً قبل ان ينبثق المعنى للقارئ. والقرآن كذلك له حلاوة وطلاوة ونظم بديع مرتب لا يمكن تحديده لانها تعد بسحرها افكار الشخص الذي يصغي الى القرآن لتلقي تعاليمه. ولا شك ان تأويل كلمات القرآن الى لغة اخرى لا يمكن الاّ ان يشوهها ويحول الذهب النقيّ الى فخار..)(1)
كوبولد (2)
-1-
(.. وذكرتُ ايضاً ما جاء في القرآن عن خلق العالم وكيف ان الله سبحانه وتعالى قد خلق من كل نوع زوجين، وكيف ان العلم الحديث قد ذهب يؤيد هذه النظرية بعد بحوث مستطيلة ودراسات امتدت
---------------
(1) الاتجاهات الحديثة في الاسلام، ص 30 - 31.
(2) اللادي ايفلين كوبولد Lady E.Cobold: نبيلة انكليزية، اعتنقت الاسلام وزارت الحجاز، وحجت الى بيت الله، وكتبت مذكراتها عن رحلتها تلك في كتاب لها بعنوان: (الحج الى مكة)(لندن 1934) والذي ترجم الى العربية بعنوان: (البحث عن الله).