محاكمات | المقدمة الاولى | 44
(1-90)

فلوكشف الغطاء لصافح شعاعُ عينك القبلةَ نفسها في كل حركة من حركات صلواتك.
أيها الاخ!
لا قيمة لأوهامك العجيبة كي تدخل في القلب، لانك لم تجد لها موضعاً سوى عالم الخيال، فضلاً عن انك لا تصدّقه، بل لا تتمكن حتى من اقناع نفسك بها.. بيد انك زغت.. فان كان قلبك المفتوح للخيالات والمقفل تجاه الحقيقة، لايسع الكرة الارضية التي هي اصغر بكثير مما تتخيلها، فوسّع أفق نظرك ليتوسع ذهنك، ثم شاهد سكان الارض كمجلس واحد واسألهم فان صاحب البيت ادرى بما فيه. فانهم يجيبونك بالمشاهدة والتواتر بلسان واحد:
"ياهذا ان كرتنا الارضية التي هي مهدنا، وقطارنا في فضاء العالم، ليست مجنونة فتشذ عن القاعدة الجارية والقانون الالهي في الاجرام العلوية." ويبرزون لك الخرائط دلائل مجسمة مفروشة أمامك.
ان شريعة الفطرة الالهية المسماة بنظام خلق العالم، فرضت على الارض التي تسير سير المريد المولوي العاشق(1) ان لاتشذ عن صف النجوم المقتدية بالشمس. اذ قالت الارض مع قرينتها السماء ﴿أتينا طائعين﴾(فصلت:11)، والطاعة في الجماعة أفضل وأحسن.
نحصل مما سبق:
ان الله سبحانه وتعالى خلق الارض كما يشاء واقتضتها حكمته، ولم يخلقها كما تشتهي خيالاتكم يا أهل الخيال، ولم يجعل عقولكم مهندسة الكائنات.
تنبيه:
من الامور المشيرة الى ضعف العقيدة أو الى الميل الى مذهب السوفسطائي او الى طلب الاسلام حديثاً ولماّ يتملكه.. هو الكلمة الحمقاء: "هذه الحقيقة منافية للدين"! لأن الذي يجد احتمالاً لمنافاة ما هو ثابت بالبرهان القاطع مع الدين الذي هو الحق والحقيقة، ويخاف من هذه المنافاة لايخلو من:

-----------------------------------------------------------

(1) تشبيه لطيف بالمريد المنتسب الى المولوية، الطريقة الصوفية المعروفة في تركيا، الذي يدور حول نفسه وفي حلقة الذكر بنشوة الذكر وجذبة التفكر انسجاماً مع حركة الموجودات. المترجم.

لايوجد صوت