بصورته في عالم الملائكة. وقد روي حديث بهذا المعنى: ان الشمس تغرب في كل مساء تحت العرش وتسجد عنده ثم تستأذن وتعود(2).
نعم ان الملك الموكّل على الشمس اسمه الشمس ومثاله الشمس، وهو الذي يذهب ويؤوب.
ولدى الفلاسفة الالهيين: ان لكل نوع ماهية مجرّدة حية ناطقة تمد الافراد. ويعبّر عنهم الشرع: مَلَك الجبال ومَلَك البحار وملك الامطار، الاّ انه لا تأثير لهم تأثيراً حقيقياً اذ لا مؤثر في الكون الا الله. اما الحكمة في وضع الاسباب الظاهرية فهي في اظهار العزة والعظمة لكي لايرى النظر المتوجه الى دائرة الاسباب مباشرةَ يد القدرة لامور خسيسة ظاهرة من دون حجاب. أما في الملكوتية وفي حقيقة الامر وهي دائرة العقيدة، فان مباشرةَ يد القدرة بدون حجاب لكل شئ، يلائم العزة؛ اذ كل شئ في هذه الجهة سام وعال... ذلك تقدير العزيز العليم.
الوجه الثاني:
ان الثور هو المثير للحرث وأهم واسطة لزراعة الارض وعمارتها. أما الحوت (السمك) فهو مصدر عيش اهل السواحل، بل كثير من الناس.
فاذا سأل احد: بمَ تقوم الدولة؟ فالجواب: على السيف والقلم. او اذا سأل: بمَ تقوم المدنية؟ فالجواب: على المعرفة والصناعة والتجارة. او اذا سأل: بِمَ تدوم البشرية وتبقى؟ فالجواب: بالعلم والعمل.
كذلك اجاب سيد الكونين وفخر العالمينy - والله اعلم - بناء على ماسبق ذلك السائل الذي لم يستعد ذهنه لدرك الحقائق - بدلالة المقدمة الثانية - وسأل عن شئ خارج نطاق وظيفته: الارض على أي شئ؟ فاجابه رسولنا الكريمy بما يلزمه أصلاً: الارض على الثور. اي ان عمارة الارض لنوع البشر ومنبع الحياة لأهل القرى منهم، على الزراعة، والزراعة محمولة على كاهل الثور. وان معظم معيشة القسم الآخر من البشر، ومعظم مصادر تجارة اهل المدنية، في جوف
-------------------------------------------------------
(2) عن ابي ذر رضي الله عنه قال: دخلت المسجد ورسول اللهy جالس. فلما غابت الشمس قال: "يا ابا ذر! هل تدري اين تذهب هذه؟" قال: قلت: الله ورسوله اعلم. قال: فانها تذهب فتستأذن في السجود، فيؤذن لها، وكأنها قد قيل لها: ارجعي من حيث جئتِ فتطلع من مغربها.. اخرجه مسلم 1/139.