انه حسب مضمون "المقدمة الخامسة" ترى كيف تؤول تلك المسألة العجيبة المشهورة التي تدور بين أهل الخيال المولعين باختراع الغرائب بغير اسناد العبثية الى الحكمة الازلية، وبغير احالة الاسراف الى الصنعة الربانية، وبغير اخلال النظام البديع الذي هو برهان الصانع الجليل؟
ألا تباً وسحقاً وبُعداً للجهل!!
المسألة الثالثة
جبل قاف
اعلم ان العلم بوجود شئ غير العلم بنوعيته وماهيته. فلا بد من التمييز بين هاتين النقطتين. فكم من يقين الاصل تصرّف فيه الوهم حتى أخرجه من الامكان الى الامتناع. فشاور فيه "المقدمة السابعة" تجبك بلسان فصيح: نعم. وكم من قطعي المتن تزاحمت الظنون في دلالته، بل تحيرت الافهام بالاجابة عن السؤال: ما المراد؟. فشقق صدف "المقدمة الحادية عشرة" تجد هذه الجوهرة.
تنبيه: ولما كان هذا الامر هكذا.. فلا يشير من قطعي المتن الى "قاف" الاّ ﴿ق والقرآن المجيد﴾. بينما يجوز ان يكون (ق) كـ(ص)، فليس هو في شرق الدنيا بل في غرب الفم. فيسقط الدليل من اليقين بهذا الاحتمال.
ثم ان دليلاً اخر بعدم وجود قطعي الدلالة غير هذا، قول احد مجتهدي الشريعة وهو القرافي(1): لا أصل له.
اما نسبة كيفيته المشهورة الى ابن عباس رضي الله عنه، فانظر في مرآة "المقدمة الرابعة" ليتمثل لك وجه نسبتها. علماً ان كل ماقاله ابن عباس كما لا يلزم ان يكون حديثاً. كذلك لا يلزم قبولَه لكل ما نقله، لان ابن عباس قد التفت قليلاً ايام شبابه الى الاسرائيليات عن طريق الحكايات اظهاراً لبعض الحقائق. --------------------------------------------------------------
(1) القرافي (ت 684هـ - 1285م) هو (شهاب الدين) احمد بن ادريس عبد الرحمن القرافي من علماء المالكية، وهو مصري المولد والمنشأ والوفاة له مصنفات جليلة في الفقه والاصول منها (انوار البروق في انواء الفروق) اربعة اجزاء، (الذخيرة) في فقه المالكية ستة مجلدات (الاعلام 1/94 - 95).