- ان الحكمة الالهية التي هي مثال العناية الازلية تعلن السعادة الابدية، لانها مجهزة برعاية المصالح والحكم في الكائنات، لانه لو لم تكن السعادة الابدية للزم انكار هذه الحكم والفوائد التي اجبرتنا البداهة على الاقرار بها.
3- ان عدم العبثية الثابت بشهادة العقل والحكمة والاستقراء، يشير الى السعادة الابدية في الحشر الجسماني، بل يدل عليها، لان العدم الصرف يحيل كل شئ الى عبث.
4- ان عدم الاسراف في الفطرة، الثابت بشهادة علم منافع الاعضاء ولاسيما في العالم الاصغر -الانسان- يدل على عدم الاسراف في الاستعدادات المعنوية للانسان وآماله وافكاره و ميوله. وهذا يعني انه مرشح للسعادة الابدية.
5- نعم! لولا السعادة الابدية لتقلصت كل المعنويات وضمرت وذهبت هباءاً منثوراً. فيا للعجب، ان كان الاهتمام والعناية بغلاف جوهر الروح - وهوالجسد - الى هذه الدرجة، حتى يحافظ عليه من وصول الغبار اليه، فكيف تكون العناية بجوهر الروح نفسه؟ وكيف يمحى ويفنى اذن؟ كلا... بل العناية بالجسد انما هي لاجل تلك الروح.
6- ان النظام المتقن الثابت بالاستقراء التام الذي انشأ العلوم كافة - كما ذكر سابقاً - يدل على السعادة الابدية، اذ الذي ينجي الانتظام من الفساد والاخلال، والذي يجعله متوجهاً الى العمر الابدي والتكامل هو السعادة الابدية ضمن الحشر الجسماني.
7- كما ان الساعة الاعتيادية التي فيها دواليب مختلفة دوارة متحركة ومحركة للاميال العادّة للثواني والدقائق والساعات والايام، تخبر كل منها عن التي تليها، كذلك اليوم والسنة وعمر الانسان ودوران الدنيا شبيهة بتلك الساعة كل منها مقدمة للاخرى. فمجئ الصبح بعد كل ليلة، والربيع بعد كل شتاء يخبر عن ان بعد الموت قيامة ايضاً.
نعم ان شخص الانسان كنوع غيره، اذ نور الفكر اعطى لآمال البشر وروحه وُسعة وانبساطاً بدرجة لو ابتلع الازمان كلها لا يشبع، بينما ماهية