ماذا ترى في عاقبة هذه الهزيمة - التي آلت اليها الدولة العثمانية - وماذا كنتَ تتوقع ان يؤول اليه أمر الدولة العثمانية لو قُدِّر لها الانتصار؟.
قلت: ان المصيبة ليست شراً محضاً، فقد تنشأ السعادة من النكبة والبلاء، مثلما قد تفضي السعادة الى بلاء.. فهذه الدولة الاسلامية التي أخذت على عاتقها - سابقاً - القيام بفريضة الجهاد - فرضاً كفائياً - حفاظاً على العالم الاسلامي وهو كالجسد الواحد، ووضعت نفسها موضع التضحية والفداء لأجله، وحملت راية الخلافة اعلاءً لكلمة الله وذوداً عن استقلال العالم الاسلامي.. ستعوّض عما أصابتها من مصيبة، وستزيلها السعادةُ التي سوف يرفل بها عالم الاسلام.
إذ عجّلت هذه المصيبة بعث الاخوة الاسلامية ونماءها في أرجاء العالم الاسلامي، تلك الاخوة التي هي جوهر حياتنا وروحنا. حتى اننا عندما كنا نتألم كان العالم الاسلامي يبكي، فلو أوغلت أوروبا في إيلامنا لصرخ العالم الاسلامي.
فلو متنا فسوف يموت عشرون مليوناً "من العثمانيين الأتراك" ولكن نُبعث ثلاثمائة "أي: ثلاثمائة مليوناً من المسلمين".
نحن نعيش في عصر الخوارق. فبعد مضي سنتين أو ثلاث على موتنا سنرى أحياءً يبعثون.
لقد فقدنا بهذه الهزيمة سعادة عاجلة زائلة، ولكن تنتظرنا سعادة آجلة دائمة، فالذي يستبدل مستقبلاً زاهراً فسيحاً بحال حاضرٍ جزئي متغير محدود، لاشك أنه رابح..
واذا بصوت من المجلس:
- بيّن! وضّح ما تقول!
قلت: حروب الدول والامم قد تخلت عن مواضعها لحروب الطبقات البشرية. والانسان مثلما يرفض ان يكون أسيراً لا يرضى ان يكون أجيراً أيضاً.
فلو كنا منتصرين غالبين، لكنا ننجذب الى ما لدى أعدائنا من الاستعمار والتسلط، وربما كنا نغلو في ذلك. علماً ان ذلك التيار -التيار الاستعماري الاستبدادي- تيار ظالم ومنافٍ لطبيعة العالم الاسلامي، ومباين لمصالح الاكثرية المطلقة من أهل الايمان، فضلاً عن ان عمره قصير، ومعرّض للتمزق والتلاشي. ولو كنا متمسكين بذلك التيار لكنا نسوق العالم الاسلامي الى ما ينافي طبيعته