سنوحات | افادة مرام | 24
(1-39)

الفطرية. فهذه المدنية الخبيثة التي لم نرَ منها غير الضرر، وهي المرفوضة في نظر الشريعة، وقد طغت سيئاتُها على حسناتها، تحكم عليها مصلحة الانسان بالنسخ، وتقضي عليها يقظة الانسان وصحوته بالانقراض.
فلو كنا منتصرين لكنا نتعهد حماية هذه المدنية السفيهة المتمردة الغدارة المتوحشة معنىً في أرجاء آسيا.
قال أحدهم من المجلس:
- لِمَ ترفض الشريعة هذه المدنية؟(1)
قلت: لأنها تأسست على خمسة أسس سلبية:
فنقطة استنادها هي: القوة، وهذه شأنها: الاعتداء.
وهدفها وقصدها: المنفعة، وهذه شأنها: التزاحم.
ودستورها في الحياة: الجدال والصراع، وهذا شأنه: التنازع.
والرابطة التي تربط المجموعات البشرية هي: العنصرية والقومية السلبية التي تنمو على حساب الآخرين. وهذه شأنها: التصادم، كما نراه.
وخدمتها للبشرية خدمة فاتنة جذابة هي: تشجيع هوى المنفعة، واثارة النفس الأمارة، وتطمين رغباتها وتسهيل مطاليبها. وهذا الهوى شأنه: اسقاط الانسان من درجة الملائكية الى درك الحيوانية الكلبية. وبهذا تكون سبباً لمسخ الانسان معنوياً.
فمعظم هؤلاء المدنيين لو انقلب باطنهم بظاهرهم لوجد الخيال تجاهه صور الذئاب والدببة والحيات والقردة والخنازير.
ولأجل هذا فقد دفعت هذه المدنية الحاضرة ثمانين بالمئة من البشرية الى أحضان الشقاء واخرجت عشرة بالمئة منها الى سعادة مموهة زائفة. وظلت العشرة الباقية بين هؤلاء واولئك، علماً ان السعادة تكون سعادة عندما تصبح عامة للكل أو للأكثرية؛ بيد ان سعادة هذه المدنية هي لأقل القليل من الناس. 
------------------------------------------------------------
(1) المقصود محاسن المدنية التي اسدتها الى البشرية ، وليست سيئاتها وآثامها التي يلهث وراءها الحمقى ظناً منهم ان تلك السيئات حسنات حتى اوردونا الهلاك، ولقد تلقت البشرية صفعتين مريعتين وهما الحربان العالميتان من جراء ما طفحت به كفة سيئات المدنية على حسناتها وتغلبت آثامها على محاسنها حتى ابادتا تلك المدنية الآثمة فقاءت دماً لطخت به وجه الكرة الارضية كله. نسأل الله ان تغلب بقوة الاسلام في المستقبل محاسن المدنية لتطهّر وجه الارض من لوثاتها وتضمن السلام العام للبشرية قاطبة. المؤلف

لايوجد صوت