الخطبة الشامية | الكلمة الاولى | 2
(1-47)

ولمعالجة هذه الامراض الستة الفتّاكة، أبيّن ما اقتبسته من فيض صيدلية القرآن الحكيم - الذي هو بمثابة كلية الطب في حياتنا الاجتماعية - أبيّنها بست كلمات، اذ لا اعرف اسلوباً للمعالجة سواها.

الكلمة الاولى
"الأمل"
اي: شدة الاعتماد على الرحمة الالهية والثقة بها.
نعم! انه بناء على ما تعلمته من دروس الحياة، يسرّني ان أزفّ اليكم البشرى يامعشر المسلمين، بأنه قد أَزِفَ بزوغ أمارات الفجر الصادق ودنا شروق شمس سعادة عالم الاسلام الدنيوية وبخاصة سعادة العثمانيين، ولاسيما سعادة العرب الذين يتوقّف تقدم العالم الاسلامي ورقيّه على تيقظهم وانتباههم، فانني اعلن بقوة وجزم، بحيث اُسمع الدنيا كلها وأنفُ اليأس والقنوط راغم(1):
ان المستقبل سيكون للاسلام، وللاسلام وحده. وان الحكم لن يكون إلاّ لحقائق القرآن والايمان. لذا فعلينا الرضى بالقدر الالهي وبما قسّمه الله لنا؛ إذ لنا مستقبل زاهر، وللأجانب ماضٍ مشوش مختلط.
فهذه دعواي، لي عليها براهين عدة، سأذكر واحداً ونصفاً فقط منها، بعد ان أمهّد لها ببعض المقدمات.
أما المقدمات فهي:
ان حقائق الاسلام تمتاز باستعدادها، استعداداً كاملاً لدفع اهلها الى مراقي التقدم المادي والمعنوي معاً.
 أما أنه مستعد للرقي المعنوي:
فاعلموا! ان التاريخ الذي يسجل الوقائع الحقيقية، اصدق شاهد على حقيقة الأحداث؛ فها هو التاريخ يرينا أن القائد الياباني الذي هزم الروس يدلي بالشهادة الاتية في صدد عظمة الاسلام وحقانيته: "انه بنسبة قوة الحقائق الاسلامية وبنسبة التزام المسلمين تلك الحقائق، يزدادون رقياً وتقدماً، هكذا يرينا التاريخ. ويرينا إيضاً انه بقدر ضعف تمسكهم بتلك الحقائق يصابون 
--------------------------------------------------------------
(1) لقد اخبر(سعيد القديم) باحساس مسبق منذخمسة واربعين عاماً بأن العالم الاسلامي -وفي مقدمته الدول العربية- سينجو من سيطرة الاجانب وتحكمهم، وسيشكلون دولاً اسلامية سنة،1371 ولم يفكر آنذاك في الحربين العالميتين ولا في الاستبداد المطلق الذي دام ما يقارب اربعين عاماً، فبشّر بما كان سنة 1371 وكأنه 1327 دون أن يأخذ سبب التأخير بنظر الاعتبار. المؤلف.

لايوجد صوت