الاّ ان هذه المحبة الفطرية ضلت سبيلها وتاهت بسبب الغفلة، فتشبثت بالظل وعشق بقاء المرآة.
ولكن ما ان جاءت ﴿حسبنا الله ونعم الوكيل﴾ حتى رفعت الستار فاحسستُ وشاهدت، وتذوقتُ بحق اليقين:
ان لذة البقاء وسعادته، موجودة بنفسها، بل افضل وأكمل منها، في ايماني وإذعاني وإيقاني ببقاء الباقي ذي الكمال، وبأنه ربي وإلهي. وقد وضحت دلائل هذا بعمق ودقة متناهية في الرسالة (الحسبية) في اثنتي عشرة كذا.. كذا.. كذا..). وبينت الاستشعار الإيماني بما يجعل كل ذي حسّ وشعور في تقدير واعجاب!.
المرتبة النورية الحسبية الثانية:
انه مع عجزي غير المتناهي الكامن في فطرتي، ومع الشيخوخة المستقرة في كياني، ومع تلك الغربة التي لفتني، ومع عدم وجود المعين لي، وقد جُردت من كل شيء ويهاجمني اهل الدنيا بدسائسهم وبجواسيسهم.. في هذا الوقت بالذات خاطبت قلبي قائلاً:
(ان جيوشاً كثيفة عارمة تهاجم شخصاً واحداً ضعيفاً مريضاً مكبل اليدين.. أوَ ليس له – أي لي – من نقطة استناد؟).
فراجعت آية ﴿حسبنا الله ونعم الوكيل﴾ فاعلمتني:
انك تنتسب بهوية الانتساب الإيماني الى سلطان عظيم ذي قدرة مطلقة، بحيث يجهز بانتظام تام في الربيع جميع ماتحتاجه جيوش النباتات والحيوانات المنتشرة على سطح الارض من معدّات، فيزوّد جميع تلك الجيوش المتشكلة في اربعمائة ألف نوع من الأمم المختلفة، ويوزع جميع ارزاق الجيش الهائل للأحياء – وفي مقدمتها الانسان – لابشكل ما اكتشفه الانسان في الآونة الأخيرة من مستخلصات اللحم والسكر وغيرهما، بل بصورة مستخلصات أكمل وافضل بكثير بل