(رسالة الشيوخ) | الرجاء الاول | 60
(1-82)

وقد أفهمتني الآية أنه لا يمكن التدخل مطلقاً ولا المداخلة قطعاً في مثل هذا الفعل للربوبية المطلقة وفي تصرف هذه الخلاقية، اللتين تبرزان هذه المعجزات غير المحدودة وتنشرانها.
فالى الذين يريدون ان يفهموا هويتي الشخصية وماهيتي الانسانية كما هي لكل مؤمن.. والى الذين يرغبون أن يكونوا مثلي، عليهم أن ينظروا الى تفسير نفسي (أنا) في جمع (نا) في الآية الكريمة ويتدبّروا في موقعه في ذلك الجمع. وليفهموا ما وجودي وجسمي الذي يبدو ضئيلاً وفقيراً لا اهمية له – كوجود كل مؤمن.؟! وليعلموا ما الحياة نفسها بل ما الانسانية؟! وما الإسلام؟! وما الإيمان التحقيقي؟ وما معرفة الله؟ وكيف تحصل محبة الله؟. فليفهموا.. وليتلقوا درساً في ذلك!.

المرتبة النورية الحسبية الرابعة:
وافقت العوارض المزلزلة لكياني أمثال الشيب والغربة والمرض وكوني مغلوباً على أمري، وافقت تلك العوارض فترة غفلتي، فكأن وجودي الذي أتعلق به بشدة يذهب الى العدم، بل وجود المخلوقات كلها تفنى وتنتهي الى الزوال، فولد عندي ذهاب الجميع الى العدم قلقاً شديداً واضطراباً أليماً فراجعت الآية الكريمة ايضاً ﴿حسبنا الله ونعم الوكيل﴾ فقالت لي: (تدبر في معانيّ، وانظر اليها بمنظار الإيمان) وانا بدوري نظرت الى معانيها بعين الإيمان فرأيت:
ان وجودي الذي هو ذرة صغيرة جداً – كوجود كل مؤمن – مرآةٌ لوجود غير محدود، ووسيلة للظفر بانواع من وجود غير محدود بإنبساط غير متناه.. وهو بمثابة كلمة حكيمة تثمر من انواع الوجود الكثيرة الباقية ما هو اكثر قيمة من وجودي حتى أن لحظة عيش له من حيث انتسابه الإيماني ثمين جداً، وله قيمة عالية كقيمة وجودٍ أبدي دائم، فعلمت كل ذلك بعلم اليقين؛ لأن معرفتي بالشعور الإيماني بان وجودي هذا أثرٌ من آثار واجب الوجود وصنعةٌ من صنعته وجلوة من جلواته جعلتني انجو من ظلمات لا حدّ لها تورثها أوهام موحشة،

لايوجد صوت