النقطة الثانية
ان كل ذرة تدل على وجود الحق سبحانه وتعالى ووحدته من جهتين:
احداهما: ان الذرة مع عجزها وجمودها في حد ذاتها تعمل اعمالاً شاقة وتحمل اعباء ثقيلة بشعور واحساس.
ثانيهما: ان الذرة تقوم بنوع من العمل معين لاتصطدم مع قوانين هذا الكون بل تنسجم معها انسجاماً تاماً وتأخذ مكانها الخاص. وكلتاهما تدلان دلالة جازمة على وحدة واجب الوجود وعلى احدية الذات المالك لملكوت السموات والأرض. اي إن خالق الذرة هو خالق الكون لان الذرة بما انها عاجزة وعبأها ثقيل ووظائفها متنوعة كثيرة وان انسجامها مع القوانين الكونية وعدم اصطدامها بأي شيء حيثما حلت – مما يدل على أنها تفعل هذا باسم القادر المطلق وأمره.
نعم كما ان الجندي يعرف ان له انتساباً إلى مختلف وحدات الجيش المتداخلة ووظائف خاصة ومعينة في كل من تلك الواحدات، ويعرف ماهي تلك الوظائف، ويكون تنسيق حركته وتدربه حسب القوانين المتبعة للجيش باطاعة القائد العام الذي يكون تحت امرته تلك الوحدات المختلفة المتداخلة وبالسير ورائه؛ فكذلك كل ذرة لها وضع خاص ونسب مختلفة ووظائف موزونة ومصالح ذات حكم عالية في التركيب المتداخلة ولابد أن يكون تعيين هذه النسب والوظائف ووضعها في مكان لايصكدم مع نتائجها وحكمها – من صنع مَن الكائنات تحت قبضة تصرفه.
(1) هو اول كتاب الرسائل النورية.