وأنه يصدر كثير من آثار هذه الدنيا ونتائجها ومن منسوجات اعمال الجن والانس وصحائف اعمالهم ومن الارواح والاجساد إلى معرض الآخرة. فادماج هذه الذرات في بناء عالم الآخرة بعدما بلغت ذروتها في اداء مهمتها وفعلت في سبيل الحياة الشيء الكثير وامتثلت امر ربها وسبحته وبعدما تثل هذه الدنيا على عروشها – ادماج هذه الذرات الارضية التي ربت تلك النتائج والآثار ورافقتها من مقتضى العدالة. ويرى من خلال هذه الحقيقة طرف من قانون العدل الأعظم.
وكما ان الروح لها سلطان على الجسد كذلك ماكتبه القدر من الاوامر التكوينية للمواد الجامدة له سلطان عليها. وهذه المواد تأخذ مكانها في الوجود وفي سلك النظام حسب تلك الاوآمر ولايشبه اي وضع منها وضع الآخر. مثلاً: يختلف وضع كل من انواع البيض والنطف والبذور عن الآخر بسبب اختلاف ما خطه القدر لها وهي ان المواد وان كانت متحدة(1) من حيث الماهية؛ الا انه يتشعب منها انواع مختلفة يختلف مقام كل منها عن الآخر. وكتابه وظائف اي ذرة وحكمها على جبهتها بقلم القدرة الذي لايعزب عن شيء تلك الذرة التي ادت واجبها نحو الحياة وشهدت على وجود الله تعالى وسبحته – من مقتضى علم الله تعالى المحيط. ويتراءى في هذا جهة من قانون العلم المحيط الأعظم.
(1) نعم ان جميع تلك البذور والبيض والنطف متشكل من أربع مواد، مثل مولد الماء، ومولد الحموضة، وآزوات، وكربون... فيمكن أن تعتبر متحدة إلا أن الفرق بينها في كتابة القدر المعنوية.