ونتيجة هذا القول أن امثال هذه القوانين السبعة اي قانون الربوبية، وقانون الكرم، وقانون الجمال، وقانون الرحمة، وقانون الحكمة، وقانون العدالة، وقانون العلم المحيط، هذه القوانين التي مضى ذكرها آنفاً تلوح بالاسم الاعظم وبتجلية وتوحى بان هذه الذرات كسائر الموجودات تجول بموازين حساسة في غاية الدقة حسبما خطه القدر وتلقته من الاوامر التكوينية الصادرة من القدرة. كانها تستعد للذهاب إلى عالم أسمى(1)، فكان الاجسام الحية مدارس او ثكنات او قصور ضيافة للذرات تأخذ دروسها وتتعلم. وكما قد قيل في المقالة الاولى ان كل شيء وكل ذرة وكل طائفة من الذرات تقول بلسان حالها بسم الله وتجول. نعم كل ذرة في اول جولتها – كما فهم من هذه النقط الثلاثة تقول: بسم الله الرحمن الرحيم اي بسم الله وحوله وقوته اجول. وفي نهاية جولانها ككل مصنوع تقول بلسان حالها: الحمد لله رب العالمين اي ان ريشة قلم القدرة تتراءى في نقش كل صنعته التي كانها قصيدة مدح وثناء. وبعبارة اخرى: كل ذرة كأنها رأس ابرة تدور على صفحة الفوتوغراف فتنطق المصنوعات بقصائد الحمد والثناء وتتسلى بنشائد التسبيح.
(1) إذا أن بث نور الحياة في هذا العالم الكثيف السفلى، وإشعاله بفعالية دائمة؛ حتى ان إشراق نور الحياة بكثرة في أخس المواد والأجسام المتعفنة من جديد، وجعل تلك المواد لطيفة نورانية ومنجلية بنور الحياة – تشير قريباً من الصراحة الى انه تعالى يذيب ويحيي ويجلي ويحسن هذا العالم الصلب الجامد بنور الحياة لشأن عالم نظيف، لطيف، عال، حيوي، جداً. كأنه تعالى يزينه لأن يذهب إلى عالم آخر لطيف.
فالذين يرون الحشر الانساني يوم القيمة بعيداً عن العقل؛ لو ترصدوا بنور القرآن لرأوأنه يتراءى قانون قيومية محيط يقدر أن يحشر جميع الذرات كوحدة جيش. ويتصرف فيها بمرأى منا.