رائد الشباب | توجيه الشباب | 65
(1-70)

وايضاً كل ذرة تعمل وتجيد في صنعها، وحينئذ لابد اما ان تكون لها اواصر بجميع الذرات تحكم كل ذرة ومجموعة الذرات كما تكون مأمورة لكل ذرة ولمجموعة الذرات وتعرف ذلك الصنع الذي يدهش العقول وتوجده وهذا محال من الوف الجهات؛ واما ان تكون مأمورة في سيرها خرجت من قانون قدر الصانع الحكيم وقلم قدرته.

مثلاً كما اذا لم تكن احجار قبة (آيا صوفيا) تحت إمرة الباني ووضعها وترتيبها بتصرفه للزم ان تكون كل حجر من تلك الاحجار في المهارة والهندسة كـ(المعمارِ سنَانْ) المشهور في فن البناء وتكون محكومة لسائر الاحجار وحاكمة عليها فتقول: تعالوا ننضم ونتقوّ حتى لانسقط؛ فكذلك ذرات هذه الكائنات التي هي ادق واغرب صنعة بالوف المرات من آيا صوفيا اذا لم تكن تحت امرة من بني الكائنات وتحت تصرفه للزم ان تتصف كل ذرة من ذراتها بأوصاف من بني الكائنات. ومن المثير للدهشة ان الملحدين لما انكروا وجود الصانع اضطروا حسب زعمهم لان يقبلوا آلهة باطلة عدد ذرات الكائنات فمن هذه الجهة ان الملحد وان كان فيلسوفاً عالماً فهو في نهاية الجهالة.

 

 

النقطة الثالثة

من الوف الحكم المتعلقة بتنقل الذرات وجولانها في اجسام ذوي الحياة ان تكسب الذرات لطافة وحياة حتى تكون موافقة لبناء عالم البقاء – فان الكائن الحي حتى الكائن النباتي كانه ثكنة او مدرسة للقادمين من الذرات يتلقون العلوم والفنون ويتنورون، وبعدما ادت وظيفتها الموكولة اليها تكون جديرة بان تكون جزءاً من عالم البقاء الذي هو حي بجميع اجزائه. ولعلك تتساءل من اين يعلم انه توجد هذه الحكمة في حركات الذرات؟

فنقول اولاً: تعلم من حكمة الصانع الثابتة بنظام الكون البديع حيث ان الحكمة التي تنيط بجزئي واحد كليات الحكم لايمكن ان تترك هذه الذرات الجوالة التي هي اكثر نشاطاً في هذا الكون السيال من غيرها والتي هي مدار النقش والفن لايمكن ان تتركها سدى. وايضاً ان حكمة الله تعالى لما لم تهمل اي مخلوق تؤدي وظيفته مهما كان صغيراً تافهاً حيث تؤدي اجرته ومايستحقه لايمكن ان تهمل هذه العمال والخدم من النور ومن الأجرة.

ثانياً: يتبين بوضوح وجلاء ان حركات الذرات ليست صدفاً تكون كيفما اتفقت وانما تجول وتتنقل حتى تنال درجة من الكمال اللائق بها بشهادة انه تعالى طور العناصر ورفعها إلى مستوى أعلى، فجعلها معادن لها نوع من العيادة الفطرية، وطور المعادن فجعلها نباتات لها نوع من الحياة، وجعلها رزقاً فانتقل بها إلى درجة الحيوانات، ثم بعد هذا انتقل بذرات الحيوانات بجعلها رزقاً إلى الانسان، ثم بعد ذلك جعل ذرات الانسان في مختلف المصافي وبني بها اشرف اعضاء الانسان من القلب واللب.
لايوجد صوت