الحجة الزهراء | المقام الاول | 75
(1-94)

اننا نشاهد ان كل مصنوع من هذه المصنوعات متميز بذاتٍ معينة وصفات مخصصة وماهية خاصة به، وصورة ذات علامات فارقة متميزة. وبينما يمكن ان يكون كل هذه الاحوال ضمن امكانات واحتمالات مشوشة لاحد لها، ويجري في طرقٍ عقيمة كثيرة خلال مداخلة سيول العناصر وضمن امثاله المتشابهة الداعية على السهو والالتباس، فان خلقه - ازاء هذه الحالات المضطربة المختلطة - ضمن نظام دقيق موزون ومنسق، وأخذ كل عضو من اعضائه واجهزته وفق ميزان حساس جساس كامل، وتمكين كلٍ منها في موضعه المناسب، وتقليده بوظائف، ومنح وجهه سيماء شخصياً مزيناً جميلاً، وخلق اعضائه المتخالفة المتباينة من مادة بسيطة جامدة ميتة، حيّة متقنة الصنعة؛ كخلق الانسان الحامل لمئات الاجهزة المتنوعة المتباينة في صور معجزة من قطرة ماء. وخلق الطير باجهزة وجوارح مختلفة متنوعة من بيضة بسيطة، وانشاء الشجرة باغصانها الملتفة واعضائها المتشابكة واجزائها المتغايرة من بذيرة صغيرة مركبة من اشياء بسيطة جامدة هي الكاربون والازوت ومولد الحموضة ومولد الماء (الاوكسجين والهيدروجين)، واضفاء شكل منظم ومثمر عليها..يثبت بلاشك وبالبداهة وبقطعية لاريب فيها بل بدرجة الوجوب والضرورة واللزوم ان كل مصنوع من هذه المصنوعات يعطى له ذلك الوضع الخاص الكامل لجميع ذراته واجهزته وصورته وماهيته، بارادة قدير مطلق القدرة وبمشيئته واختياره وقصده جل وعلا. وان ذلك المصنوع خاضع لحكم ارادة شاملة كل شئ.
هذا وان دلالة هذا المصنوع الواحد بما لاشك فيه على (الارادة الالهية) تبين ان جميع المصنوعات تشهد شهادة صادقة بليغة لا نهاية لها وبعدد افرادها بقطعية ظاهرة كالشمس والنهار على (الارادة الالهية) الشاملة كل شئ. وانها حجج قاطعة لاحد لها على وجوب وجود قدير مريد.

لايوجد صوت