الآية الكبرى | الشعاع السابع | 25
(1-108)

من نَويات وحبّات متماثلة متشابهة محصورة معدودة].
* * *
وبينما كان السائح الشغوف - الذي ازداد بالسمو ذوقاً وشوقاً - عائداً من تلك السياحة الفكرية مبتهجاً بلذة وقوفه على الحقيقة وعثوره على جنات الايمان، راجعاً من بستان الربيع، حاملاً باقة كبيرة واسعة - من ازهار المعرفة والايمان - سعة الربيع نفسه، اذا بباب عالم الطيور والحيوانات ينفتح ازاء عقله التوّاق للحقيقة، وفكره المشتاق للمعرفة، تدعوه تلك الطيور والحيوانات بمئات الألوف من الاصوات المتباينة، والألسنة المختلفة، للدخول الى ذلك العالم الفسيح، وترحب بمقدمه الى عالمها.. فدخله، ورأى ان جميع الطيور، وجميع الحيوانات، بأنواعها وطوائفها وأممها كافة تذكر متفقة: (لا إله إلا هو) بلسان حالها ومقالها، حتى لكأن سطح الارض مجلس ذكر مهيب، ومجمع تهليل عظيم.. ورأى أن كلاً منها بحد ذاته بمثابة قصيدة ربانية تترنم بآلاء الربوبية.. وكلمة سبحانية ناطقة بالتقديس لبارئها.. وحرف رحماني ذي مغزى ينم عن الرحمة الإلهية؛ فالجميع يثنون على خالقهم، ويصفونه بالحمد والثناء، وكأن حواس تلك الطيور والحيوانات ومشاعرها واعضاءها، وآلاتها، واجهزتها، وقواها، كلمات موزونة منظومة، وكلام فصيح بليغ..
فشاهد السائح في ذلك ثلاث حقائق عظيمة محيطة، تدل دلالة صادقة على ان تلك الطيور والحيوانات تؤدي شكرها تجاه خلاّقها ورزاقها بتلك الكلمات، وتشهد على وحدانيته سبحانه بذلك الكلام:
اولاها: حقيقة الايجاد والصنع والابداع، أي حقيقة الإحياء ومنح الروح، التي لا يمكن نسبتها مطلقاً الى المصادفة العشواء والقوة العمياء والطبيعة الصماء؛ إذ هي ايجاد من عدم يقع بحكمة، وابداع مقرون باتقان، وخلق مصحوب بارادة، وانشاء مبني على علم. وهي تُظهر بجلاء تجلي (العلم والحكمة والارادة) بعشرين وجهاً، وهي

لايوجد صوت