المعجزات الأحمدية | المكتوب التاسع عشر | 24
(1-165)

فأخذ كلٌ منهم على عهدته مهمةً من مهمات حفظ الايمان وجمع شمل الاسلام، كلٌ حسب قابليته، فانطلق بكل جدٍ واخلاص في هذا السبيل. فمنهم من قام بحفظ الحديث النبوي الشريف، ومنهم من قام بحفظ فقه الشريعة الغراء، ومنهم من قام بحفظ العقائد والحقائق الايمانية، ومنهم من قام بحفظ القرآن الكريم.. وهكذا انضوت كلُّ طائفة تحت مهمةٍ وواجب من الواجبات التي يفرضها حفظ الايمان وصيانة الأسلام، وسَعَتْ في سبيل اداء مهمتها سعياً حثيثاً، فتفتحت من البذور التي نشرتها تلك الأعاصير الهوجاء العنيفة في الارجاء، زهورٌ بهيجة بالوان زاهية شتى في عالم الاسلام، حتى غدا العالم الاسلامي رياضاً يانعة بالورود والرياحين. الاّ انه - للأسف - ظهرت بين تلك الرياض البديعة أشواكُ اهل البدع ايضاً. وكأن يد القدرة الإلهية قد خضَّتْ ذلك العصر بجلال وهيبة، وادارته بشدة وعنف، فأثارت الهمم وألهَبت المشاعر لدى أهل الهمة والغيرة، فبعثت تلك الحركة المنطلقة عن المركز؛ كثيراً من أئمة المجتهدين والمحدّثين والحفاظ والأصفياء والأقطاب الأولياء الى أنحاء العالم الأسلامي وألجأتهم الى الهجرة. وهيّجت المسلمين شرقاً وغرباً وفتحت بصيرتهم ليغنموا من كنوز القرآن وخزائنه. والآن لنرجع الى ما نحن بصدده.
ان ما أخبر عنه الرسول y من امور الغيب ووقع فعلاً كما أخبر، يبلغ الألوف بل يزيد، الاّ اننا نشير الى امثلة منها فقط، تلك التي اتفق على صحتها أصحاب الكتب الستة الصحيحة، وفي مقدمتهم البخاري ومسلم، حتى ان كثيراً منها نقلت نقلاً متواتراً من حيث المعنى، واتفق العلماء وأهل التحقيق على صحة بعضها انه بمثابة التواتر الصريح.
.. خرَّج أهلُ الصحيح والأئمة: ما أعلَمَ به y أصحابه مما وعدهم به من الظهور على أعدائه وفتح مكة(1) وبيت المقدس(2) واليمن 
--------------------------------------------
(1) رواه الشيخان وغيرهما (على القاري 1/678 - 679).
(2) رواه البخاري عن عوف بن مالك (علي القارئ 1/678 - 679)

لايوجد صوت