ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع السابع | 163
(146-253)

ميدان الحشر الاعظم دائرة تحصل بها الايام والسنون والفصول.. وهي كسفينة ربانية عظيمة حاملة لاكثر من مائة ألف نوع من أنواع ذوي الحياة مع جميع أرزاقها ومتطلباتها المعاشية، فتمخر عباب الفضاء وتطوف في رحلة سياحية وتجوال حول الشمس بكمال الموازنة والانتظام الاتم.
ثم ينظر الى صحائفها فيرى ان كل صحيفة منها تعرّف ربها بآلاف آياتها.. ولكن لمّا لم يجد متسعاً من الوقت لمطالعة الصحائف كلها، فقد اقتصر بالنظر الى صحيفة واحدة منها فقط، وهي صحيفة تجسّد ايجاد ذوي الحياة وادارتها في فصل الربيع. فشاهد ان افراداً غير محدودين لمائة ألف من الانواع تنفتح صورُها وتنبسط من مادة بسيطة بمنتهى الانتظام، وتُربّى بمنتهى الرحمة، وتنشر في الارجاء بمنتهى السعة وتمنح بذور قسم منها جُنيحات رقيقة للطيران في غاية الاعجاز.. وانها تدار بمنتهى التدبير، وتعّيش وتغذّى بمنتهى الشفقة والرأفة، وتُؤمّن ارزاقها الوفيرة المتنوعة اللذيذة الطيبة بمنتهى الرحمة والإرزاق، فتُوافى من غير شئ، ومن تراب يابس، ومن جذور صلبة كالعظام ومن بذور متماثلة، ومن قطرات ماء متشابهة، وتبعث من خزينة الغيب الى ذوي الحياة كل ربيع - كحمولة قطار مشحون - مائة ألف نوع ونوع من الاطعمة واللوازم بكمال الانتظام والاتساق. وبخاصة ارسال اللبن الخالص اللذيذ الدفاق من ينابيع أثداء الوالدات الرؤومات الملفعات بالشفقة والرحمة والحكمة هدايا للصغار والاطفال.. كل ذلك يثبت بداهة انه تجلٍ في منتهى التربية والرأفة من تجليات رحمة الرحمن الرحيم وإحسانه العميم.
والخلاصة:
لقد فهم السائح بمشاهدة هذه الصحيفة الحياتية للربيع الجميل، انها صورة من صور الحشر والنشور بمئات الآلاف من النماذج والنظائر، فهي تفسّر عملياً تفسيراً محسوساً رائعاً الآية الكريمة:

لايوجد صوت