ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع السابع | 196
(146-253)

يقول: انها اسفل الجميع، فلابد اذاً ان مرتبة بلاغته فوق الجميع. حتى قد تلا أحدهم الآية الكريمة: ﴿سَبَّحَ لله ما في الَّسمواتِ والارضِ﴾(الحديد:1) ثم قال:
- (اني لا أرى الوجه المعجز الذي ترونه في بلاغة هذه الآية الكريمة) .
فقيل له:
- (عدْ بخيالك - كهذا السائح - الى ذلك العصر واستمع اليها هناك) .
وبينما هو يتخيل نفسه هناك فيما قبل نزول القرآن الكريم، اذا به يرى ان موجودات العالم ملقاة في فضاء خالٍ شاسع دون حدود، في دنيا فانية زائلة، وهي في حالة يائسة مضطربة تتخبط في ظلمة قاتمة، وهي جامدة دون حياة وشعور، وعاطلة دون وظيفة ومهام. ولكن حالما أنصت الى هذه الآية الكريمة وتدبر فيها اذا به يرى ان هذه الآية قد كشفت حجاباً مسدلاً عن وجه الكون وعن وجه العالم كله حتى بان ذلك الوجه مشرقاً ساطعاً، فألقى هذا الكلام الازلي والامر السرمدي درساً على جميع ارباب المشاعر المصطفين حسب العصور كلها ومظهراً لهم:
ان هذا الكون بحكم مسجد كبير، وان جميع المخلوقات - ولاسيما السموات والارض - منهمكة في ذكر وتهليل وتسبيح ينبض بالحيوية. وقد تسنم الكل وظائفهم بكل شوق ونشوة، وهم ينجزونها بكل سعادة وإمتنان..
هكذا شاهد السائح سريان مفعول هذه الآية الكريمة في الكون، فتذوق مدى سمو بلاغتها، وقاس عليها سائر الآيات الكريمة، فأدرك السر في هيمنة بلاغة القرآن الفريدة لنصف الارض وخمس البشرية، وعلم حكمة واحدة من آلاف الحكم لديمومة جلال سلطان القرآن الكريم بكل توقير وتعظيم على مدى أربعة عشر قرناً من الزمان دون

لايوجد صوت