وجوده في وحدتهِ: القرآن المعجز البيان، المقبول ُ المرغوبُ لأجناس المَلَك والانس والجان، المقروء كل آياته في كل دقيقة بكمال الاحترام، بألسنة مئات الملايين من نوع الانسان، الدائم سلطنته القدسية على اقطار الارض والاكوان، وعلى وجوه الاعصار والزمان، والجاري حاكميته المعنوية النورانية على نصف الارض وخُمس البشر في اربعة عشر عصراً بكمال الاحتشام.. وكذا شَهدَ وبرهن باجماع سورهِ القدسية السماوية، وباتفاق آياته النورانية الإلهية، وبتوافق أسراره وأنواره وبتطابق حقائقه وثمراته وآثاره بالمشاهدة والعيان].
* * *
ثم ان السائح والمسافر المذكور قد علم يقيناً ان الايمان الذي توصل اليه هو اعظم رأس مال الانسان؛ اذ لايملّكه - وهو الفقير - مزرعة فانية ومسكناً مؤقتاً، بل يملّكه الكون العظيم، ويجعله لائقاً ليظفر بملك واسع باقٍ اوسع من الدنيا، ويوجد له - وهو الانسان الفاني - لوازم حياة أبدية خالدة؛ فينقذه - وهو المسكين المنتظر لمشنقة الاجل - من النهاية المرعبة والاعدام الابدي، فاتحاً له خزائن السعادة السرمدية، لذا خاطب السائح نفسه قائلاً:
(هيا تقدمي ! لنفز مرتبة اخرى من مراتب الايمان التي لايحصرها حد.. فلنطلع على مجموع الكون، ولننصت اليه لنرى ماذا يقول هو ايضاً، كي نضفي نوراً على تلك الدروس التي تلقيناها من أركان الكون واجزائه) .
فنظر السائح الى مجموع الكون بمنظار واسع محيط قد استعاره من القرآن الكريم، فرأى ان هذا الكون منظم تنظيماً بديعا، ومنطوٍ على معاني جمة وفيرة بحيث يبدو على صورة كتاب سبحاني مجسم، او قرآن رباني جسماني، او قصر مزين صمداني، او بلد منتظم رحماني؛ اذ ان جميع سور ذلك الكتاب وآياته وكلماته، بل حروفه