ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع السابع | 204
(146-253)

اكثرها، والعقل يرى القسم الآخر منها؛ ذلك لاننا نشاهد انه مع حلول الخريف في كل سنة يموت عالم عظيم جداً، فتموت معه أفراد غير محدودة لمائة ألف نوع من النباتات والحيوانات الصغيرة، كل نوع منه بحكم كون ذي حياة. ولكن ذلك الموت يجري في غاية الانتظام، بحيث تُودع تلك الافراد بذورها ونواها وبويضاتها - التي تصبح مداراً لحشرها ونشورها، والتي هي بذاتها معجزات الرحمة والحكمة وخوارق القدرة والعلم - تُودعها امانة لدى حكمة الحفيظ ذي الجلال، وتحت رعايته وحمايته، مسلمةً الى ايديها صحف اعمالها، وبرامج ما قدمت من وظائف، وبعد ذلك تموت.. وبحلول موسم الربيع تبعث باعيانها تلك التي توفيت من الاشجار والاصول والحيوانات الصغيرة. وتُحيا وتخلق امثال ومشابهات قسم اخر منها في أماكنها. فتمثل بذلك مائة ألف مثال ونموذج للحشر الاعظم ومائة ألف دليل عليه. فموجودات الربيع الماضي بنشرها لصحائف ما قامت به من اعمال، وما ادت من وظائف، واعلانها تلك الصحائف في هذا الربيع، تظهر بوضوح مثالاً للآية الكريمة:
﴿واِذا الصُحُفُ نُشِرَت﴾(التكوير: 10).
وكذا من جانب الكون ككل؛ ففي كل خريف وفي كل ربيع يموت عالم كبير، ويأتي الى الوجود عالم جديد، وما فيهما من الوفيات والمواليد لأنواع لاتحصى من الاحياء تجري في غاية الانتظام والميزان، حتى كأن الدنيا محط ومنزل، يستضاف فيه الكائنات الحية، فتأتيها عوالم سيّاحة ودنىً سيارة تؤدي فيها وظائفها، ثم ترحل عنها وتغادرها.
وهكذا فان إحداث عوالم ذات حياة، وايجاد كائنات موظفة في هذه الدنيا، إحداثاً وايجاداً بكل علم وحكمة، وميزان وموازنة، وانتظام ونظام، واستعمالها بقدرة، واستخدامها برحمة في المقاصد الربانية، وفي الغايات الإلهية، وفي الخدمات الرحمانية، تدل بالبداهة على

لايوجد صوت