وبقوانين الحكمة السرمدية وبالاصول المعينة والجلوات الكلية للارادة الالهية، يجعل الاشياء كلها ضمن الانتظام العلمي التام وقانون الارادة. فلاشك ان تحريك المنظومة الشمسية بقدرة القدير المطلق وجريها سفينة الارض في مدارها السنوي هي بسهولة جريها الدم وما فيه من كريات حمر وبيض وتدوير ذراتها، جرياً ودوراناً ضمن نظام وحكمة حتى انها تخلق انساناً مع اجهزته الخارقة من قطرة ماء ضمن نظام الكون دون تعب ولانصب.
بمعنى انه اذا اسند ايجاد الكون الى تلك القدرة الازلية المطلقة يكون الامر سهلاً كايجاد انسان واحد، وان لم يسند اليها فان خلق انسان واحد باجهزته العجيبة ومشاعره الدقيقة، يكون مشكلاً وعسيراً كخلق الكون كله.
وكذا كما ان قائداً واحداً بأمره جندياً واحداً بالهجوم يسوقه الى الهجوم، بسر الاطاعة والامتثال وتلقي الاوامر، فانه بالامر نفسه وبالسهولة نفسها يسوق جيشاً عظيماً مطيعاً ايضاً الى الهجوم.
كذلك المصنوعات التي كل منها في كمال الطاعة لقوانين الارادة الالهية لتلقي اشارات الامر الرباني التكويني، وكالجندي المتأهب وكالعبد المأمور في ميل فطري وشوق فطري ضمن دائرة دساتير خط السير الذي عيّنه العلم الازلي والحكمة الازلية، وهو اكثر طاعة وانقياداً للاوامر بألف مرة عن طاعة جنود الجيش، فهذه المصنوعات ولاسيما ذوي الحياة منها عندما يتلقى كل منها الامر الرباني: (اخرج من العدم الى الوجود وتقلّد وظيفة) تلبسه القدرة الالهية بسهولة مطلقة وجوداً خاصاً بالشكل الذي عينه العلم وبالصورة التي خصصتها الارادة وتأخذ بيده الى ميدان الوجود.
وكذلك بالسهولة نفسها وبالقوة والقدرة نفسيهما يخلق سبحانه جيش الاحياء في الربيع ويوكل اليه الوظائف.