ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثالث | 52
(50-70)

نعم، مثلما تشهد السَّمواتُ مع ساكنيها، وكلُّ سماءٍ بحدِّ ذاتِها، فإنَّ جَميعها معاً تشهد بالبداهة شهادةً ظاهرةً جليَّةً على وُجُوبِ وُجودِك يا خالق السَّمواتِ والأرضِ وتشهَدُ شهادةً قويّةً صادقةً على وحدتك وفرديّتِكَ يامن تدير وتدبِر الذرات بمركباتها المُنظمة ويا من تُجري الكواكب السيارة مع توابعها المنظمة وتسخّرُها لطاعتك.. شهادة ظاهرةً قويةً تُصدّقها براهين نورانيَّة، ودلائل باهِرة، عدد النجوم التي في وجه السماء..
فهذه السّموات الصَّافية الطاهرة الجميلة تدل دلالة ظاهرة على هيبة ربوبيَّتِكَ وعظمة قدرتك المُبدعة.. وتُشيرُ إشارةً قويَّةً الى سعة حاكميَّتِكَ المحيطة بالسَّمواتِ الشاسعة، والى رحمتك الواسعة المحتضنة لكلِّ ذي حياةٍ.. وتشهدُ - بلا ريب - على شُمُولِ حكمتك لكلِّ فعلٍ وعلى إحاطة علمك بكُلِّ شئ، المنظمان في قبضتهما جميع شؤون وكيفيات جميع المخلوقات السّماوية؛ بأجرامِها التي هي في غاية الضخامة وفي غاية السُرعة، وبإظهارها اوضاع جيش مُنظّمٍ ومهرجانٍ مهيبٍ مُزيّن بمصابيح وضَّاءةٍ.. فتلكما الشَّهادة والدلالة ظاهرتان جليتان كأن النُجوم كلمات شهادة للسَّمواتِ الشَّاهدة ودلائلها المتجسّمة النُّورانية.. اما النُجوم السابحة في بحر السَّمواتِ وفي فضائها، فانها تُظهر شعشعة سلطان ألوهيَّتِك؛ بأوضاعها المُماثلة لجنود منصاعين وسفن منتظمةٍ وطائراتٍ خارقةٍ ومصابيح عجيبةٍ. ورفيقات شمسنا التى هى نجمة من ذلك الجيش ترنو الى عوالم الآخرة، وليست مُعطلة، بدلالة وظائف الشمس في سياراتها وفي أرضنا، ولربما هي شموس عوالم باقية.
يَا واجب الوُجُود! يَا واحدُ، يَا أحدُ!
إنَّ هذه النُجُوم الخارقة وهذه الشمُوس الضَّخمة والأقمار العجيبَة.. قد سُخِّرَت ونُظّمت ووُظِّفت في مُلكِكَ أنتَ، وفي سمواتِكَ أنت، بأمركَ أنت، وبقُوتِكَ وبقُدرتكَ أنت، وبإدارتكَ وتدبيركَ أنت.. فجميعُ تلك الأجرام العُلويّة تسبّحُ وتُكبّرُ للخالقِ الواحد الذي خلقها، ويجريها، ويديرها، وتقول بلسَان الحال: سُبحَان الله.. الله اكبر.. وأنا معها أُقدّسُك بجَميع تَسبِيحاتها.

لايوجد صوت