ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثالث | 56
(50-70)

وبمنح أجهزة مخَتلفة متنوّعة بانتظام الى أَربعمائة ألف من الأمم المختلفة التي تضمُها فرقة النباتات والحيوانات، على جلال ربوبيتك، وعلى نفاذ قُدرتك في كُلِّ شئ.. كذلك الأرزاق المتنوّعة لأحياء غير محدودة والنَّاشئة من تراب يابس بسيط، وإرسالها بكلِّ كرم ورحمة الى كلِّ حيّ فرداً فرداً في أوانها وانقياد تلك الأفراد غير المحدودة وإطاعتها إطاعة تامة للأوامر الربانية ودينونتِها التامة لها، تظهر شمول رحمتك كلّ شئ وإحاطة حاكميتك بكلّ شئ.
وكذا فإنَّ إدارة قوافل المخلوقات المعرضة دوماً للتغير والتبدل في الأرض، وسوقها ومناوبتها بالموت والحياة.. وإدارة وتدبير الحيوانات والنباتات التى لا يمكن أن تتم إلاَّ بعلم يتعلَّق بكلّ شئ، وبحكمة غير متناهية تتحكم في كُلّ شئ.. تدلُ على إحاطة علمك وحكمتك..
وكذا فإنَّ هذه الأهمية العظمى، وهذا البذل والصرف غير المحدود، وهذه التجلّيات الربانية المطلقة، وهذه الخطابات السُبحانية غير المحدودة، وهذه الإحسانات الإلهية غير المتناهية لهذا الإنسان الذي يتصرف في موجُودات الأرض وهو المكلف بوظائف غير محدودة في فترة قصيرة والمزود باستعدادات وأجهزة معنوية تهيؤه لمعيشة مديدة في زمن غير محدود.. لامحالة أنها لاتنحصر في مدرسة الدنيا هذه، وفي ثكنة الأرض المؤقتة هذه، وفي معرض العالم المؤقت هذا، ولاتنحصر في هذا العمر القصير الحزين المكدر، ولا في هذه الحياة العكرة المنغّصة، ولافي هذا العالم الفاني الملئ بالبلايا والنوائب. بل كل ذلك يشير بلا شك الى عمر آخر أبدي وسعادة باقية خالدة ويشير الى إحسانات أُخروية في عالم البقاء، بل يشهَد عليها.
فيَا خالق كلّ شئ!
إنَّ جميع مخلوقات الأرض تدار مسخّرة في ملكك أنت، وفي أرضك أنت وبحولك وقوتك أنت، وبقدرتك وارادتك أنت، وبعلمك وحكمتك أنت.
وإن ربوبية تشاهد فعاليتها على وجه الارض لتبدي إحاطة وشمولاً، لإنَّ إدارتها وتدبيرها وتربيتها هي من الحساسيّة في غاية الكمال.. وإن إجراءاتها المنتشرة في كل

لايوجد صوت