ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثالث | 61
(50-70)

البداهة- بأوراقها وأزهارها وأثمارها.. فكلُّ ورقة من أوراق الأشجار والنباتات المُهتزّة بجذبات الذّكر وشوقه.. وكلُّ زهرة من الأزهار الواصفة والمُعَرفة بزينتها لأسماء صانعها.. وكلُّ ثمرة من الأثمار المُتبسِمة من لطافتها بتجلي الرَّحمة فيها.. تشهد كلُها؛ بالنظام الذي في صنعتها الخارقة، وبالميزان الذي في النظام، وبالزّينة التي في الميزان، وبالنقوش الموجودة في الزينة، وبالعبق الطيب المتنَوع المَمزوج بالنقوش، وبالطعوم المُختلفة في العبق الفوّاح للأثمار.. شهادة بدرجة البداهة لايمكن نسبتها الى المَُصادفة على وُجُوبِ وجودِ صانع لانهاية لرحمته ولانهاية لكرمه.
فكما أنَّ الأمر هكذا في كلّ فرد، فكلُّ الأشجار والنباتات معاً تشهد كذلك بالبداهة على وحدة ذلك الصَّانع الواجب وجوده وعلى أحديته؛ بوحدتها وإتفاقها ومعيتها على سطح الأرض كافة وبتشابهها على سكة الخلقة وبارتباطها في التدبير والادارة وبتوافقها فيما يتعلق بها من أفعال الإيجاد والأسماء الربانية وبادارة الأفراد غير المَحدودة لمائة ألف نوع مع تداخلها إدارةً مباشرة دون حيرة ولاخطأ.
وكذا مثلما يشهد أولئك على وجوبِ وجودِكَ وعلى وحدتكَ، فإن إعاشة وإدارة أفراد غير محدودة لجحفل الأحياء من الجيش الهائل المتشكل من أربعمائة ألف من الأمم على وجه الأرض إدارة بكمال الإتقان وبمئات الآلافِ من أنماط الأعاشة والادارة التي تتم بكمال الإنتظام دون سهو ولاخلط.. تدلُ على جلال ربوبيتك وهيبتها فى وحدانيتك، وعلى عظمة قدرتك التي تخلق الربيع بيُسر إيجاد زهرة وتعلقها بكلّ شئ، وتدلُ قطعاً على سعة رحمتك المُطلقة التي تهئ أقسام الأطعمة المُتنوعة المُختلفة وغير المحدودة وتحضرها لحيوانات غير محدودة وللإنسان في كلِ جهةٍ من جهات هذه الأرض الضخمة.
وان جريان تلك الامور والإنعامات وأشكال الإدارة وأنواع الإعاشة والإجراءات غير المحدودة، بكمال الإنتظام، وإنقياد كلّ شئ وخضوعه حتى الذرات لتلك الأوامر والإجراءات.. تدلُ دلالة قاطعة على السعة المطلقة لحاكميتك.
وإن عمل كلّ شئ لكلّ ورقة وزهرة وثمرة، ولكل جذر وغصن وفرع، من تلك الأشجار والنباتات، عملا بعلم وبصيرة وفق ماتقتضيه الفوائد والمصالح والحِكَم..

لايوجد صوت