ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثالث | 62
(50-70)

يدلُ على إحاطة علمك بكلّ شئ، وشمول حكمتك لكل شئ، دلالة ظاهرة جلية وتشير إليهما بأصابعها التى لاتحد. وإنها تحمد وتثني بألسنتها غير المحدودة على جمال صنعتك وهي في منتهى الكمال، وعلى كمال نعمتك وهي في منتهى الجمال.
وكذا فان هذه الإحسانات الثمينة والنّعم القيّمَة العميمة، وهذه المصارف والإكرامات التى تفوق الحد، تصلنا بأيادي الأشجار والنباتات في هذه الدَار المُؤقتة والمضيف الفاني، وفي زمن قصير وعمر قليل، تشير بل تشهد على أن الرَحيم ذا القدرة والكرم الذي ساق هنا لضيوفه كلّ هذه الرَحمة.. لابُد انه قد أعد أشجاراً مثمرة ونباتات مزهرة خالدة بما يليق بالجنة الخالدة في عالم خالد في مملكة خالدة لعباده الذين سيخلدهم أبد الآبدين.. لكي يحول دون انقلاب نتائج مصاريفه وآلائه التي صرفها للتَودد والتَعرُف الى ضدّها - أي لئلا تقول جميعُ الخلائق: لقد أذاقنا تلك النعم وأعدمنا قبل ان نتناولها - ولكي يحول دون إسقاِط هيبة ألوهيته، ودون إنكار سعة رحمته، ودون تحوُّل جميع أحبته المُشتاقين إليه أعداءً بحرمانهم.. أجل لقد أَحضرها من خزائن الرحمة الخالدة وفي جناته الخالدة. وما التي ها هنا إلاّ نماذج عرض للزبائن فحسب.
وكما أن الأشجار والنباتات كافة تقدّسُك وتسبحك وتحمدك بكلمات أوراقها وأزهارها وأثمارها، كذلك كلُ كلمة من تلك الكلمات بحدّ ذاتها تقدّسُك أيضاً، وبخاصة خلق الأثمار خلقاً بديعاً ولبابها المتنوّعة، وصنعتها العجيبة وبذورها الخارقة، وإيداع صحاف الطعام تلك الى أيدي الأشجار ووضعها على رؤوس النباتات وارسالها هكذا الى ضيوفه الأحياء مما يجعل تسبيحات ألسنة حالاتها ظاهرة وجلية تبلغ درجة لسان المقال..
فجميع اولئك مسخرات في ملكك أنت، وبقوتك وقدرتك أنت، وبإرادتك وإحساناتك أنت، وبرحمتك وحكمتك أنت، وإنها منقادة مطيعة لكل أمر صادر منك.
فيامن اختفى بشدة الظهور! ويامن احتجب بعظمة الكبرياء! ياصانعُ، يَاحكِيمُ! يَاخَالِقُ يَارحِيمُ!

لايوجد صوت