المختلفة في ذاته. لأن الانسان بمثابة فهرس مصغر للكون كله - بما يملك من صفات جامعة - وكأنه مثاله المصغر، لذا فتجليات الاسماء الالهية في الكون عامة نراها تتجلى في الانسان بمقياس مصغر.
الوجه الثاني:
اداؤه مهمة المرآة العاكسة للشؤون الالهية، أي ان الانسان كما يشير بحياته الى حياة ( الحي القيوم) فانه بوساطة ما ينكشف في حياته الذاتية من حواس كالسمع والبصر وامثالها يفهم - ويبيّن للآخرين - صفات السمع والبصر وغيرها من الصفات الجليلة المطلقة (للحي القيوم).
ثم ان الانسان الذي يملك مشاعر دقيقة جداً وكثيرة جداً - وقد لا تنكشف ضمن حياته وانما عندما يحفَّز او يُثار - فتظهر تلك المشاعر بأشكال متنوعة وانفعالات مختلفة، فانه بوساطة هذه المشاعر الدقيقة والمعاني العميقة يؤدي مهمة عرض الشؤون الذاتية (للحي القيوم). فمثلاً: الحب والافتخار والرضى والانشراح والسرور وما شابهها من المعاني التي تتفجّر لدى الانسان في ظروف خاصة، يؤدي الانسان بها مهمة الاشارة الى هذه الانواع من الشؤون الالهية بما يناسب قدسية الذات الالهية وغناه المطلق وبما يليق به سبحانه وتعالى.
وكما ان الانسان وحدة قياس - بما يملك من جامعية حياته - لمعرفة صفات الله الجليلة، وشؤونه الحكيمة، وفهرس لتجلي اسمائه الحسنى، ومرآة ذات شعور بجهات عدة لذات (الحي القيوم).. كذلك - الانسان - هو وحدة قياس ايضاً لمعرفة حقائق الكون هذا، وفهرس له ومقياس وميزان.
فمثلاً: ان الدليل القاطع على وجود اللوح المحفوظ في الكون يتمثل في نموذجه المصغر وهو (القوة الحافظة) لدى الانسان. والدليل القاطع على وجود عالم المثال نلمسه في نموذجه المصغر وهو (قوة الخيال) لدى الانسان(1)،
-----------------
(1) نعم! ان عناصر الانسان مثلما تشير الى عناصر الكون وعظامه تنبئ عن أحجاره وصخوره، وأشعاره توحي الى نباتاته واشجاره، والدم الجاري في جسمه والسوائل المختلفة المترشحة من عيونه وانفه وفمه تخبر عن عيون الارض وينابيعها ومياهها المعدنية، كذلك تخبر روحُ الانسان عن عالم الارواح وحافظته عن اللوح المحفوظ وقوة خياله عن عالم المثال. وهكذا يخبر عن كلُ جهاز عن عالم ويشهد على وجوده شهادة قاطعة. - المؤلف.