ملحق بارلا | المكتوب السابع والعشرون | 53
(1-80)

فكما اذا دخل انسان جاهل لم ير الحياة الاجتماعية الى معسكر عظيم وشاهد حركات الجيش المطردة وفق الانظمة المعنوية، تخيل انهم مربوطون بحبال مادية، او دخل مسجداً عظيماً وشاهد الاوضاع الطيبة المنظمة للمسلمين في صلاة الجماعة او العيد، تخيل انهم مربوطون بروابط مادية.. كذلك اهل الضلالة الذين هم أجهل من ذلك الجاهل يدخلون هذا الكون الذي هو معسكر عظيم - لمن له جنود السموات والارض سلطان الازل والأبد - او يدخلون هذا العالم الذي هو مسجد كبير للمعبود الازلي، ثم يذكرون انظمة ذلك السلطان باسم الطبيعة، ويتخيلون شريعته الكبرى المشحونة بالحكم غير المتناهية انها كالقوة او كالمادة صماء عمياء جامدة مختلطة.
فلا شك انه لا يقال عن مثل هذا: انه انسان، بل حتى لا يقال له حيوان وحشي، لان ما تخيله "طبيعة" يفرض عليه ان يمنح كل ذرة، وكل سبب قوةً قادرة على خلق الموجودات كلها وعلماً محيطاً بكل شئ، بل عليه ان يمنح كلَّ ذرة وكل سبب جميع صفات الواجب الوجود. وما ذاك الاّ محال في منتهى الضلالة بل هذيان نابع من بلاهة الضلالة.
فـ"الكلمات" ورسائل اخرى قد أردتْ مفهوم الطبيعة قتيلاً في مائة موضع وموضع والى غير رجعة! وكذا الكلمة الثانية والعشرين اثبتت هذا الأمر اثباتاً قاطعاً.
الحاصل: لقد اثبتت في "الكلمات" اثباتاً قاطعاً: ان الذى يؤلّه الطبيعة يضطر الى قبول آلهة غير متناهية لانكاره الإله الواحد، فضلاً عن ان كل إله قادر على كل شئ، وضد كل إله، ومثله.. وذلك لينتظم الكون!. والحال انه لا موضع للشريك قطعاً بدءاً من جناح ذبابة الى المنظومة الشمسية ولو بمقدار جناح الذباب، فكيف يتدخل في شؤونه تعالى غيره؟

لايوجد صوت