الحقيقي فلا اتراجع ولا اتخلى عنه ولا أقلل من محبتي له، بل اوثق الارتباط به اكثر، وأوليه محبة أعظم وابالغ في توقيره.
فانا اذن يا اخي الكريم احب ضياء الدين كما هو وعلى حقيقته. اما انت فتحب ضياء الدين الذي في خيالك(1). ولما كان اخي المرحوم عالماً منصفا حقاً، فقد رضي بوجهة نظري وقبلها وقدرها.
فيا اخوتي، أيها السعداء المحظوظون الذين يضحون بانفسهم في سبيل الله! ان مبالغتكم في حسن الظن بشخصي، وان كان لا يضركم بالذات، الا ان امثالكم ممن ينشدون الحق ويرون الحقيقة، ينبغي لهم ان ينظروا الى الشخص من زاوية خدمته للقرآن الكريم ومدى انجازه لمهامه نحوه، فلو كشف النقاب وظهرت امامكم هويتي الملطخة بالتقصيرات من قمة رأسي الى اخمص قدمي لأشفقتم عليّ ولتألمتم لحالي ولكن لئلا انفّركم من محبة الاخوة التي تربطنا، ولئلا تندموا عليها فلا تربطوا انفسكم بماتتصورونه من مقامات تضفونها عليّ وهي فوق حدي بكثير. فأنا لست سوى اخ لكم لا غير، وليس في طوقي ادعاء الارشاد والتوجيه ولا الاستاذية عليكم.. وكل ما في الامر هو اني زميلكم في تلقي درس الايمان. فلا تنتظروا مني همة ومدداً بل انا المحتاج الى معاونتكم وهممكم وأرجو دعواتكم المشفقة على تقصيراتي.
ولقد أنعم الله علينا جميعاً - بفضله وكرمه - واستخدمنا في أقدس خدمة واجلّها وأنفعها لاهل الايمان.. تلك هي خدمة القرآن. وندبنا للقيام بها على وفق تقسيم الاعمال فيما بيننا، فحسبنا استاذية وارشاد الشخص المعنوي النابع من سر اخوتكم واتحادكم.
فما دامت خدمة الايمان والقرآن أسمى من أية خدمة في هذا العصر، وأن النوعية تفضل الكمية، وان التيارات السياسية
------------------
(1) لأنك تطلب لمحبتك ثمناً غالياً جداً، اذ تفكر ان يقابل محبتك ما يفوق ثمنك مئة ضعف، والحال ان اعظم محبة لمقامه الحقيقي تظل زهيدة جداً. (المؤلف).