ملحق أميرداغ -2 | المكتوب السابع والعشرون | 73
(1-86)

من اجزائه وكل ذرة من ذراته، لها شخصيات معنوية، وقابليات بعدد كل مَن يتكلم بالتلفونات وجميع مَن يبث من البرقيات المتنوعة وجميع مَن يذيع كلاماً من الراديوات، وان تعلم لغاتهم ولهجاتهم جميعاً، وتعلّمه في الوقت نفسه الى الذرات الاخرى، وتنشره وتبثه. حيث ان قسماً من ذلك الوضع مشهود أمامنا، وان اجزاء الهواء كلها تحمل تلك القابلية.. اذاً فليس هناك محال واحد في طريق الكفر من الماديين الطبيعيين بل محالات واضحة جلية ومعضلات واشكالات بعدد ذرات الهواء.
ولكن ان اُسند الأمر الى الصانع الجليل، فان الهواء يصبح بجميع ذراته جندياً مستعداً لتلقي الأوامر. فعنئذٍ تقوم ذراتُه باداء وظائفها الكلية المتنوعة والتي لا تحد باذن خالقها وبقوته وبانتسابها واستنادها اليه سبحانه، وبتجلي قدرة صانعها تجلياً آنياً - بسرعة البرق - وبسهولة قيام ذرة واحدة بوظيفة من وظائفها وبيُسر تلفظ كلمة "هو" وتموج الهواء فيها. اي يكون الهواء صحيفة واسعة للكتابات المنسقة البديعة التي لا تحصر لقلم القدرة الإلهية، وتكون ذراته بدايات ذلك القلم، وتصبح وظائف الذرات كذلك نقاط قلم القَدَر، لذا يكون الأمر سهلاً كسهولة حركة ذرة واحدة.
رأيت هذه الحقيقة بوضوح تام وبتفصيل كامل وبعين اليقين عندما كنت اشاهد عالم الهواء واطالع صحيفته في سياحتي الفكرية وتأملي في ﴿لا إله الاّ هو﴾ و﴿قل هو الله أحد﴾ وعلمت بعلم اليقين ان في الهواء الموجود في لفظ "هو" برهاناً ساطعاً للوحدانية مثلما ان في معناه وفي اشارته تجليا للأحدية في غاية النورانية وحجة توحيدية في غاية القوة، حيث فيها قرينة الاشارة المطلقة المبهمة لضمير "هو" اي: الى مَن يعود؟ فعرفت عندئذٍ لماذا يكرر القرآن الكريم واهل الذكر هذه الكلمة عند مقام التوحيد.
نعم! لو أراد شخص ان يضع نقطة معينة - مثلاً - على ورقة بيضاء في مكان معين، فان الامر سهل، ولكن لو طُلب منه وضع نقاط عدة في مواضع عدة في آن واحد فالأمر يستشكل عليه ويختلط. كذلك يرزح كائن صغير تحت ثقل قيامه بعدة وظائف في وقت واحد. لذا فالمفروض أن يختلط النظام ويتبعثر عند خروج كلمات كثيرة في وقت واحد من الفم ودخولها الاذن معاً..
ولكني شاهدت بعين اليقين، وبدلالة لفظ "هو" هذا الذي اصبح مفتاحاً وبمثابة بوصلة، ان نقاطاً مختلفة تعد بالالوف وحروفاً وكلماتٍ توضع -أو يمكن

لايوجد صوت