ملحق أميرداغ -2 | المكتوب السابع والعشرون | 74
(1-86)

ان توضع- على كل جزء من اجزاء الهواء الذي اسيح فيه فكراً بل يمكن ان توضع كلها على عاتق ذرة واحدة من دون ان يحدث اختلاط او تشابك أو ينفسخ النظام، علماً ان تلك الذرة تقوم بوظائف اخرى كثيرة جداً في الوقت نفسه، فلا يلتبس عليها شئ، وتحمل اثقالاً هائلة جداً من دون ان تبدي ضعفاً او تكاسلاً، فلا نراها قاصرة عن اداء وظائفها المتنوعة واحتفاظها بالنظام؛ اذ ترد الى تلك الذرات الوف الالوف من الكلمات المختلفة في انماط مختلفة واصوات مختلفة، وتخرج منها ايضاً في غاية النظام مثلما دخلت، دون اختلاط أو امتزاج ودون ان يفسد احداها الاخرى. فكأن تلك الذرات تملك آذاناً صاغية صغيرة على قدّها، وألسنة دقيقة تناسبها فتدخل تلك الكلمات تلك الآذان وتخرج من ألسنتها الصغيرة تلك.. فمع كل هذه الامور العجيبة فان كل ذرة - وكل جزء من الهواء - تتجول بحرية تامة ذاكرةً خالقها بلسان الحال وفي نشوة الجذب والوجد قائلة: ﴿لا إله الاّ هو﴾ و﴿قل هو الله أحد﴾ بلسان الحقيقة المذكورة آنفاً وشهادتها.
وحينما تحدث العواصف القوية وتدّوي اهازيج الرعد، ويتلمع الفضاء بسنا البرق، يتحول الهواء الى امواج ضخمة متلاطمة.. بيد ان الذرات لا تفقد نظامها ولا تتعثر في اداء وظائفها فلا يمنعها شغل عن شغل.. هكذا شاهدت هذه الحقيقة بعين اليقين.
اذن، فإما ان تكون كل ذرة - وكل جزء من الهواء - صاحبة علم مطلق وحكمة مطلقة وارادة مطلقة وقوة مطلقة وقدرة مطلقة وهيمنة كاملة على جميع الذرات.. كي تتمكن من القيام باداء هذه الوظائف المتنوعة على وجهها.. وما هذا الاّ محالات ومحالات بعدد الذرات وباطل بطلاناً مطلقاً. بل حتى لا يذكره اي شيطان كان..
لذا فان البداهة تقتضي، بل هو بحق اليقين وعين اليقين وعلم اليقين: أن صحيفة الهواء هذه انما هي صحيفة متبدلة يكتب الخالقُ فيها بعلمه المطلق ما يشاء بقلم قُدرته وقَدَره الذي يحركه بحكمته المطلقة، وهي بمثابة لوحة محوٍ واثبات في عالم التغيّر والتّبدل للشؤون المسطّرة في اللوح المحفوظ.
فكما ان الهواء يدل على تجلي الوحدانية بهذه الامور العجيبة المذكورة آنفاً، وذلك لدى اداء وظيفة واحدة من وظائفها وهي نقل الاصوات، ويبين في الوقت نفسه بياناً واضحاً محالات الضلالة التي لا تحصر، كذلك فهو يقوم بوظائف في غاية الاهمية وفي غاية النظام ومن دون اختلاط أو تشابك أو التباس

لايوجد صوت