اشارات الاعجاز | مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَل | 135
(131-154)

﴿ثمَّ استوى الى السماءِ وهي دخانٌ فقالَ لها وللأرض ائتيا طَوْعاً أو كرهاً قَالتا أَتَيْنا طائِعين﴾(سورة فصلت:11)و﴿قيلَ يا أرضُ ابلَعي ماءَك ويا سماءُ اقلعي وغيضَ الماء وقُضِيَ الأمر واستوتْ على الجُوديّ وقيلَ بُعداً للقومِ الظالِمين﴾(سورة هود:44)و﴿اَلَمْ تَرَ كيفَ ضَرَبَ الله مَثَلاً كلمةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ اصلُها ثابتٌ وفرعُها في السماء  تُؤتي أُكُلَها كلَّ حِينٍ بإِذنِ رَبِّها﴾(سورة ابراهيم:24-25)و﴿ومثلُ كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ اجتُثَّتْ مِن فوقِ الأرضِ مَالَها مِن قَرارٍ﴾(سورة ابراهيم:26)..
ومن الشعر:
والليل تجري الدراري في مجرته كالروض تطفو على نهر ازاهيره(1)
اعلم! ان في كل آية من هذه الآيات التمثيلية طبقاتٍ ومراتبَ وصوراً وأساليبَ متنوعة. كلٌ منها - في كلٍ منها - كفيل وضامن لطائفة من الحقائق. وكما انك اذا أخذت قوارير من فضة وزيّنتها بذوب الذهب، ثم نقشتها بجواهرَ، ثم صيّرتها ذوات نور(2) بإدراج (الكتريق)(3) ترى فيها طبقات حسن وانواعَ زينة؛ كذلك في كل من تلك الآيات من المقصد الأصليّ الى الأسلوب التمثيليّ قد شرعت اشارات ومُدّت رموز الى مقامات كأن أصل المقصد تدحرج على المراتب وأخذ من كلٍ لوناً وحصة حتى صارت تلك الكلمات من جوامع الكلمات بل من جمع الجوامع.

فصل ومقدمة
اعلم! ان المتكلم كما يفيد المعنى ثم يُقْنِع العقل بواسطة الدليل؛ كذلك يلقي الى الوجدان حسِّياتٍ بواسطة صور التمثيل فيحرك في القلب الميل أو النفرة ويهيئُه للقبول. فالكلام البليغ ما استفاد منه العقل

----------------

(1) قائله ابن النبيه المصرى في مدح الايوبيين توفي سنة 619هـ.
(2) ذوات انوار (ش).
(3) الكهرباء.

لايوجد صوت