اشارات الاعجاز | يَا اَيُّهَا النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خ | 182
(170-191)

والثانية: ان يكون المقصد من خلقتهم ووظيفتهم التي هم مأمورون بها وكمالهم الذي يتوجهون اليه هو التقوى الذي هو كمال العبادة.
﴿ولعلكم تتقون﴾ أي المقصد من خلقكم وكمالكم والذي هيئ له استعدادكم انما هو التقوى.
وأما جملة ﴿جعل لكم الأرض فراشا﴾ فاشارة الى أقرب الدلائل الآفاقية على وجوده تعالى. . وأيضاً فيها رمز الى رد التأثير الحقيقي للأسباب الذي هو منشأ لنوع شرك. أي تمهيد الأرض بجعله تعالى لا بالطبيعة.
وأما ﴿والسماء بناء﴾ فإشارة - بذكر السماء التي هي لصيق الأرض - الى أعلى الدلائل الآفاقية البسيطة.
ثم اشار بقوله ﴿وأنزل من السماء﴾ الى وجه دلالة المركبات والمواليد على وجود صانعها.
ثم ان كل من الجمل السابقة كما تدل على اثبات الوجود؛ كذلك المجموع يلوّح بالوحدة. وصورة الترتيب المشير الى النظام الملوح بالنعم مع دلالة ﴿رزقا لكم﴾ تثبت استحقاقه تعالى للعبادة، لأن شكْرَ المُنْعِم واجبٌ. وفي ﴿رزقا لكم﴾ اشارة الى انه كما ان الارض والمواليد تخدم لك لابد ان تخدم لمن سخرها لك.
وأما نظم ﴿فلا تجعلوا لله انداداً﴾ فاعلم! انه قد امتدت من نظمها خطوط الى ﴿يا ايها الناس اعبدوا ربكم﴾ والى ﴿الذي خلقكم﴾ والى ﴿الذي جعل لكم﴾ والى ﴿وانزل﴾. أي: اذا عبدتم ربكم فلا تشركوا له لأنه هو الرب، ولأنه هو الخالق لكم ولنوعكم فلا يجعل بعضكم بعضا أرباباً من دون الله، ولأنه هو الذي خلق الأرض وفرشها ومهدها لكم، ولأنه هو الذي خلق السماء وجعلها سقفا لبنائكم فلا تعتقدوا تأثيراً حقيقياً للأسباب الطبيعية التي هي منشأ الوثنية، ولأنه هو الذي أرسل الماء الى الأرض لرزقكم ومعيشتكم، ولا نعمة الا منه فلا شكر ولا عبادة الاّ له.

لايوجد صوت