اشارات الاعجاز | وَإنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى | 199
(192-221)

على ان مسلكه حقيقة وانه صادق في دعواه؟
المسألة السادسة:
في صحيفة المستقبل لاسيما (مسألة الشريعة). ولابد من ملاحظة أربع نكت في هذه المسألة:
احداها: ان شخصاً ولو خارقاً انما يتخصص ويصير صاحب ملَكة في أربعة فنون او خمسة فقط.
النكتة الثانية: إن كلاماً واحداً قد يتفاوت بصدوره عن متكلمين، فكما يدل على سطحية أحد وجهله.. يدل على ماهرية الآخر وحذاقته مع ان الكلام هو الكلام؛ اذ احدهما لما نظر الى المبدأ والمنتهى، ولاحظ السياق والسباق، واستحضر مناسبته مع أخواته، ورأى موضعاً مناسبا فأحسن الاستعمال فيه، وتحرى أرضا منبتة فزرعه فيها؛ ظهر منه انه خارق وصاحب ملكة فيما هذا الكلام منه. وكل فذلكات القرآن الكريم من الفنون وملتقطاته انما هي من هذا القبيل.
النكتة الثالثة: هي ان كثيراً من الامور العادية الآن - بسبب تكمل المبادئ والوسائط حتى يلعب بها الصبيان - لو كانت قبل هذا بعصرين لعدّت من الخوارق. فما يحافظ شبابيته وطراوته وغرابته على هذه الاعصار المديدة يكون البتة من خوارق العادات والعادات الخارقة.
النكتة الرابعة: هي ان الارشاد انما يكون نافعا اذا كان على درجة استعداد أفكار الجمهور الأكثر. والجمهور - باعتبار المعظم - عوام. والعوام لا يقتدرون على رؤية الحقيقة عريانةً ولا يستأنسون بها الا بلباس خيالهم المألوف. فلهذه النكتة صوّر القرآنُ الكريم تلك الحقائق بمتشابهات وتشبيهات واستعارات وحفظ الجمهور الذين لم يتكملوا عن الوقوع في ورطة المغلطة. فأبْهَمَ وأهمَلَ في المسائل التي يعتقد الجمهورُ - بالحس الظاهريّ - خلاف الواقع ضروريا، لكن مع ذلك أومأ الى الحقيقة بنصب امارات.

لايوجد صوت